للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه من الفقهِ والعلم ضُروبٌ:

فأمّا قوله: "خرجتُ إلى الطُّور" فقد بانَ في الحديث أنّه لم يخرُجْ إليه إلا تبرُّكًا به ليُصلِّيَ فيه، ولهذا المعنى لا يجبُ الخروجُ إلّا إلى الثلاثةِ المساجدِ المذكورةِ في هذا الحديث، وعلى هذا جماعةُ العُلماء فيمَن نذَرَ الصلاةَ في هذه الثلاثةِ المساجد، أو في أحدها أنه يلْزَمه قصْدُها لذلك، ومن نذَرَ صلاةً في مسجدٍ سِواها،


= وأما الأول فهو مردودٌ بما تعقّبه به ابن الأثير في أسد الغابة ١/ ٢٣٧ بعد أن ساق طرفًا من الحديث، وذكر بإثره كلام المصنِّف، فقال: "قول أبي عمر: لا يوجد هكذا إلا في الموطأ، وهمٌ منه، فإنه قد رواه الواقديُّ عن عبد الله بن جعفر، عن ابن الهاد مثل رواية مالك، عن أبي بصرة بن أبي بصرة، فبان بهذا أنّ الوهْمَ من ابن الهاد، أو من محمد بن إبراهيم، فإنّ أبا سلمة روى عنه غير محمد، فقال: عن أبي بصرة، والله أعلم".
ونضيف على ما ذكره ابن الأثير لنؤكِّد بأنّ الوهم فيه ليس من مالك، فنقول بأن هذا الحديث قد رواه جماعة عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، فذكروا فيه ما قاله مالكٌ في الموطأ، ومن هؤلاء: عبدُ العزيز بن أبي حازم عند الحميديِّ في مسنده (٩٤٤)، ويعقوبَ بن سفيان في المعرفة والتاريخ ٢/ ٢٩٤، والفاكهيّ في أخبار مكّة ٢/ ٩٠ (١٢٠٣)، والبغويّ في معجم الصحابة ١/ ٣٤٨ - ٣٥٢ (٢٢٢).
وكذلك رواه الليث بن سعد عنه، وحديثه عند يعقوب بن سفيان ٢/ ٢٩٤، والطحاويّ في شرح مشكل الآثار ٢/ ٥٤ (٥٨٠) و ٢/ ٥٨ (٥٨٩).
ورواه نافع بن يزيد الكلاعي، أبو يزيد البصري، وحديثه عند الطحاويّ في شرح مشكل الآثار ٢/ ٥٦ (٥٨٣).
ورواه بكر بن مُضَر المِصْريُّ، وحديثُه عند النسائيّ (١٤٣٠)، وفي الكبرى ٢/ ٢٩٣ (١٧٦٦)، وابن مندة في التوحيد (٥٦).
ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوَرْديُّ، وحديثه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٢/ ٢٤٧ (١٠٠١)، وابن قانع في معجم الصحابة ١/ ٩٩ - ١٠٠.
ورواية الواقديِّ التي أشار إليها ابن الأثير أخرجها أبو نعيم في معرفة الصحابة ١/ ٤١٧ (١٢٣٤) من طريق الحارث بن أبي أسامة، عنه، عن عبد الله بن جعفر، به، ستَّتُهم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، به. مثل رواية مالك، فقالوا: "بصرة بن أبي بصرة" وهذا يؤكِّد أن الوهم فيه من يزيد بن عبد الله بن الهاد وليس من مالك أو من غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>