للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروَى ابنُ وَهْب وابنُ عبدِ الحكم، عن مالك، قال: ولا بأسَ بالاعتكافِ في أوَّلِ الشهرِ ووسَطِه وآخرِه، فمَنِ اعتكَف في أوَّله أو وَسَطِه فليَخرُجْ إذا غابتِ الشَّمسُ من آخرِ يوم من اعتكافِه، وإن اعتكَفَ في آخرِ الشهرِ فلا ينصَرفْ إلى بيتِه حتى يشهدَ العيدَ مع المسلمين، ويَبيتُ ليلةَ الفطر في مُعتكَفِه، ويرجعُ من المصلَّى إلى أهله. قال: وكذلك بلَغني عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (١).

وقال ابنُ القاسم: فإن خرَج ليلةَ الفطرِ فلا قضاءَ عليه. وقال ابنُ الماجِشُونِ وسُحْنون: يَفسُدُ اعتكافُه، لأنَّ السُّنةَ المجتمعَ عليها أنه يَبيتُ في مُعتكَفِه حتى يُصْبح (٢).

قال أبو عُمر: لم يقل بقولهما أحدٌ من أهل العلم فيما علِمتُ، ولا وجهَ له في القياس؛ لأنَّ ليلةَ الفطرِ ليست بموضع اعتكافٍ ولا صيام ولا من شهرِ رَمَضان، ولا يصحُّ فيها عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ. وقد روَى ابنُ القاسم عن مالك في "المُستخرجة" (٣) في المعتكِفِ يخرُجُ ليلةَ الفطرِ من اعتكافِه: لا إعادةَ عليه.

وقال مالكٌ في "الموطأ" (٤) أنه رأى أهلَ الفضل إذا اعتكَفُوا العَشْرَ الأواخرَ من رَمَضان، لا يرجعون إلى أهليهم حتى يشهَدوا العيدَ مع الناس.

وقال الشافعيُّ (٥): إذا أراد أن يعتكفَ العَشْرَ الأواخرَ دخل قبلَ الغروب، فإذا أهلَّ هلالُ شوّال فقد أتمَّ العَشْرَ. وهو قولُ أبي حنيفةَ وأصحابه (٦).


(١) وينظر: الموطأ ١/ ٤٢١ (٨٧٣) و ١/ ٤٢٥ (٨٨١).
(٢) ينظر: البيان والتحصيل لابن رشد ٢/ ٣٠٧.
(٣) كما في البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة لابن رشد ٢/ ٣٠٧.
(٤) ١/ ٤٢٣ (٨٧٩).
(٥) في الأمّ ٢/ ١١٥.
(٦) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٥٠، وبدائع الصنائع للكاساني ٢/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>