للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكلٍ وشرب". ونَهَى عن صيامِها، وقد عُلِمَ أنّ في أصحابه من المُتمتِّعينَ مَن يمكنُ أن يكونَ لا يجدُ هدْيًا، وحقيقةُ النَّهْي حملُه على العُموم، إلا أن يُتَّفقَ على أنه أُريد به الخُصوص. وقد رُوِيَ عن عُمرَ (١) وابنِ عبّاس (٢) أنهما نَهَيا المتمتعَ عن صيامِ أيام منًى، وقد أجمعوا على أن النهيَ عن صيامِ يومِ النحرِ ويومِ الفطرِ نَهْيُ عُموم، فكذلك نهيُه عن صيامِ أيامِ منًى. هذه جملةُ ما احتَجَّ به الكوفيُّونَ ومَن قال بقولهم في ذلك.

ومن حجةِ مَن أجاز صيامَ أيامِ التشريقِ للمتمتع إذا لم يجدِ الهَدْي، عُمومُ قولِ الله عزَّ وجلَّ في المتمتع: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]. ومعلومٌ أنها من أيام الحجِّ؛ لما فيها من عمَلِه، فبهذا قلنا: إن النهيَ خرَج على التطوُّع بها، كنَهْيِه عن الصلاةِ بعد العصرِ والصُّبح، على ما قد ذكَرناه، والحمدُ للّه.

قال أبو عُمر: تحصيلُ مذهبِ مالكٍ في صيامِ المُتَمتِّع إذا لم يجدِ الهَدْيَ ولم يصُم الثلاثةَ الأيام في الحجِّ أنه يصومُ أيامَ التشريق (٣). وهو قولُ ابنِ عُمرَ (٤) وعائشة (٥)، وهو أحدُ قولي الشافعيّ.

قال مالكٌ (٦): فإن فاته صيامُ أيامِ الشريقِ صام العشَرةَ كلَّها إذا رجَع إلى بلادِه وأجزَأه، وإن وجَد هديًا بعدَ رجوعِه أهدَى ولم يَصُمْ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٣١٤٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٤٨ (٤١٢٦) من طريق عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب، أن رجلًا أتى عمر متمتّعًا، فذكراه.
(٢) ينظر: المحلّى لابن حزم ٧/ ١٤٣.
(٣) ينظر: المدوّنة ١/ ٤٣١.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٦٩ (١٢٨٢) عن محمد بن شهاب الزُّهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عنه رضي الله عنهما.
وأخرجه البخاري (١٩٩٩) عن عبد الله بن يوسف التنِّيسي عن مالك، به.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٦٩ (١٢٨١) عن محمد بن شهاب الزُّهري، عن عروة بن الزبير، عنها رضي الله عنها. وهو عند البخاري في الموضع المشار إليه في التعليق السابق.
(٦) الموطّأ ١/ ٥٦١ (١٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>