للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: رُوِيَ عن ابنِ عُمر، والزُّبير، وأبي طَلْحة، والأسودِ بنِ يزيد، أنهم كانوا يصومون أيامَ التشريقِ تطوعًا (١). وليس ذلك بصحيح عنهم، ولو صحَّ كانت الحُجّةُ فيما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا فيما جاء عنهم، وجماعةُ العلماءِ والفقهاءِ على كراهيةِ صيام أيام التشريق تطوعًا، وباللّه التوفيق.

وأيامُ التَّشْريق هي أيامُ منًى وأيامُ الذَّبْح بعدَ يومِ النَّحْرِ عندَ جماعةٍ من أهلِ العلم. وقد اختلف العلماءُ في أيام الذَّبْح للأضْحى، وقد ذكَرْنا اختلافَهُم في ذلك في باب يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يسارٍ من هذا الكتاب (٢)، والحمدُ للّه.

وفي اشتقاقِ أيام التَّشْريق لأهل اللُّغة قولان:

أحدُهما: أنّها سُمِّيت بذلكَ لأنَّ الذَّبْحَ فيها يجبُ بعدَ شُروق الشَّمس.

والآخر: إنَّما سُمِّيت بذلك، لأنّهم كانوا يُشَرِّقون فيها لُحومَ الأضاحي إذا قُدِّدَت، قاله قتادة (٣).

وقولٌ ثالثٌ: إنّما سُمِّيتْ أيامَ التَّشْريق، لأنّهم كانوا يُشرِّقُونَ للشَّمْسِ في غيرِ بُيوتٍ ولا أبنيةٍ للحجِّ. هذا قولُ أبي جعفر محمدِ بنِ عليٍّ (٤)، والثاني قول قتادة.


(١) ينظر ما سلف في أثناء شرح الحديث الثاني عشر من مراسيل محمد بن شهاب الزُّهري.
(٢) وهو الحديث الموفي عشرين ليحيى بن سعيد الأنصاري، وهو في الموطأ ١/ ٦٢١ (١٣٩٠)، وقد سلف في موضعه.
(٣) ذكر هذين القولين أبو عبيد القاسم بن سلّام في غريب الحديث له ٢/ ٤٥٣، وقال عن القول الأول: "وهذا أعجب القولين إليّ".
وقول قتادة، وهو ابن دعامة أخرجه الفاكهيُّ في أخبار مكة ٤/ ٢٢٨ (٢٥٨٥) من طريق خالد بن عبد الله القسْريّ عنه. وعزاه السُّيوطي في الدر المنثور ١/ ٥٦٦ لابن أبي الدُّنيا.
(٤) أخرجه الفاكهيُّ في أخبار مكّة ٤/ ٢٢٨ من طريق جابر بن يزيد الجُعفي، قال: سألت أبا جعفر - يعني محمد بن علي بن الحسين، الباقر - فذكره. وجابر بن يزيد الجُعفي ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>