بل الصَّحيحُ عنهم غيرُ ما وُصِفَ، على ما تقدَّم عنهم في هذا الباب، وحديثُ عثمانَ المرفوعُ لا يَصحُّ؛ لأنه لو صحَّ عن عثمانَ وعندَه، ما خالَف، وقد كان يُفْتي بخلافِه، وكلُّ خبرٍ مَرويٍّ في:"الماءُ مِن الماء". محتملٌ للتأويل على ما وصَفْنا في هذا الباب. وخبرُ ابنِ شهابٍ عن سَهْلٍ صحيحٌ عندَنا؛ لروايةِ أبي حازم له، وموضعُ ابنِ شهاب مَوضِعُه، وعبدُ الله بنُ كَعْب معروف؛ روَى عنه يحيى بنُ سعيد، ومحمدُ بنُ إسحاق، وغيرُهما، وقد مضَى القولُ في هذه المعاني مبسوطًا لمن تدبَّرها.
وأمّا ما رجَّحوه من الاحتياطِ في تركِ إيجابِ الفَرْضِ إلا بيقين، فإنه يَدخُلُ عليهم أنّ الصلاةَ لا تَجبُ أن تُؤدَّى إلا بطهارةٍ مجتمع عليها، وقد أجمعْنا على أن المُجامعَ إذا أكْسَل ولم يُنزِلْ فقد وجَبَت عليه طهارةٌ، وصار في حالةٍ لا يدخُلُ معها في الصلاةِ حتى يَطهُر، وأجمَعوا أنّ الغُسلَ طهارةٌ له إن فعلَه، ولم يُجمِعوا على أن الوُضوءَ طهارةٌ له، فالواجبُ على الاحتياطِ القولُ بالغُسل إن شاء الله، والأحوطُ الصحيحُ في هذا ما جاء عن عائشةَ مرفوعًا وموقوفًا، وعلى حديثِها المدارُ في هذا الباب، وحديثُ أبي هُريرةَ مثلُه (١)، ولا يَصِحُّ فيه دعوى إجماع الصحابة، وقد يَقرُبُ فيه دعوى إجماع مَن دونهم، إلا مَن شذَّ ممّن لا يُعَدُّ خلافًا عليهم ويلزَمُه الرُّجوعُ إليهم، والقولُ بأنْ لا غُسْلَ من التقاءِ الختانين شُذوذٌ، وهو عندَ جمهورِ الفقهاءِ مهجورٌ مرغوبٌ عنه مَعيبٌ، والجماعةُ على الغُسْل، وباللّه التوفيق.