للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه شُعيبُ (١) بنُ أبي حمزة (٢) وعُقيلُ بنُ خالد (٣)، عن ابنِ شهاب، عن أبي سَلَمةَ وسعيدِ بنِ المسيِّب، عن أبي هُريرة. قال شُعيبٌ: أتى رجلٌ من أسلَمَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. وقال عُقَيلٌ: أتى رجلٌ من المُسلمين رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. بمعنى واحد، وألفاظٍ مختلفة، ولم تَختلِفْ ألفاظُهم في أنه ماعزٌ الأسلَميُّ، وأنه ردَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعَ مرات.

وروَى هذا الحديثَ مالكٌ (٤)، عن ابنِ شهاب مرسلًا، وقد ذكَرناه في مراسيل (٥) ابنِ شهاب، وذكَرْنا هناك الآثارَ المرويةَ في هذا الباب، وكثيرًا من الأحكام التي تُوجبُها ألفاظُها، والحمدُ للّه.

وفي هذا الحديثِ من الفقه: أن السِّترَ أوْلى بالمُسلم على نفسه - إذا واقَع حدًّا من الحدود - من الاعتراف به عندَ السلطان، وذلك مع اعتقادِ التوبةِ والنَّدَم على الذَّنْب، وتكونُ نيَّتُه ومعتَقدُه ألّا يعود، فهذا أوْلى به من الاعتراف، فإن الله يقبَلُ التوبةَ عن عبادِه، ويُحبُّ التوابين، وهذا فعلُ أهل العَقْلِ والدِّين؛ النّدَمُ والتوبةُ، واعتقادُ أن لا عودةَ، ألا تَرى إلى قوله: "أيَشْتَكي؟ أبِه جِنّةٌ؟ ".

وروَى يزيدُ بنُ هارون، عن يحيى بن سعيد، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، أنّ ماعزَ بنَ مالكٍ الأسلميَّ أتى إلى أبي بكر، فأخبَره أنه زَنَى، فقال له أبو بكر: هل ذكَرتَ ذلك لأحدٍ قبلي؟ فقال: لا. فقال له أبو بكر: استَتِرْ بسِتْرِ الله، وتُبْ إلى الله؛ فإن الناسَ يُعَيِّرونَ ولا يُغَيِّرونَ، وإنّ اللهَ يَقبَلُ التوبةَ عن عبادِه (٦).


(١) في الأصل، ي ٢: "شعبة"، وهو تحريف بيّن.
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٧١) و (٥٢٧٢)، ومسلم (١٦٩١) (٢)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٤٢٢ (٧١٤٠).
(٣) سلف تخريجه أثناء شرح الحديث العاشر من مراسيل ابن شهاب الزُّهريّ.
(٤) الموطّأ ٢/ ٣٨٢ (٢٣٧٧).
(٥) وهو الحديث العاشر من مراسيله، وقد سلف في موضعه.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٩٣٧٣) عن يزيد بن هارون، به. وإسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو الأنصاريُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>