للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أهلُ البدع من الخوارج والمعتزلة، فلا يرَوْن الرجمَ على أحدٍ من الزُّناة؛ ثيِّبًا كان أو غيرَ ثيِّب، وإنّما حدُّ الزُّناة عندَهم الجلْدُ، الثيِّبُ وغيرُ الثيِّب سواءٌ عندَهم، وقولهُم في ذلك خلافُ سُنّةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلافُ سبيلِ المؤمنين، فقد رجَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاءُ بعدَه، وعلماءُ المسلمين في أقطارِ الأرض متَّفقون على ذلك من أهل الرأي والحديث، وهم أهلُ الحق، وباللّه التوفيق.

وأما قوله: "إن رجلًا من أسلَم جاء إلى أبي بكرٍ الصديق" فهذا الرجلُ هو ماعزٌ الأسلميُّ، لا يَختلِفُ أهلُ العلم في ذلك، وقد تقدَّم من روايةِ يزيدَ بنِ هارون، عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، أنه ماعزُ بنُ مالكٍ الأسلميّ (١). وهو معروفٌ عندَ العلماءِ محفوظٌ، لا يختلِفون فيه (٢).

أخبرنا قاسمُ بنُ محمد، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ سَعْد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمْرِو بنِ منصور، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ سَنْجَر، قال: حدَّثنا عبيدُ الله بنُ موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سِماك، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابن عباس، قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماعزُ بنُ مالك، فاعترَف مرتين، فقال: "اذهَبوا به ثم رُدُّوه". فاعترَف مرَّتين، حتى اعترَف أربعًا، فقال: "اذهَبوا به فارجُموه" (٣).

قال ابنُ سَنْجَر (٤): وحدَّثنا عارم، قال: حدَّثنا أبو عَوانة، عن سِماكِ بنِ حَرْب،


(١) سلف مع تخريجه قبل قليل.
(٢) ينظر: غوامض الأسماء المبهمة لابن بشكوال ١/ ٢٠٣.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٧/ ٣٢٤ (١٣٣٤)، وعنه أحمد في المسند ٥/ ٦١ (٢٨٧٤)، كلاهما عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، به.
وأخرجه أبو داود (٤٤٢٦)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٤٢٠ (٧١٣٥) من طريقين عن إسرائيل، به. وإسناده حسن رجاله ثقات غير سماك: وهو ابن حرب، فهو صدوق حسن الحديث.
(٤) هو محمد بن عبد الله المذكور في الإسناد السابق، وعارم: هو محمد بن الفضل السَّدوسيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>