للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سعيد: وهو أولُ مَن اختَتن، وأولُ مَن أضاف الضيف، وأولُ مَن استَحدَّ، وأولُ مَن قلَم الأظفار، وأولُ مَن قصَّ الشاربَ، وأولُ مَن شاب، فلما رأى الشَّيبّ قال: ما هذا؟ قال: وقارٌ. قال: يا ربِّ، زِدْني وَقارًا.

قال: وحدَّثنا أبو كامل (١)، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، قال: حدَّثني عُمارةُ، قال: حدَّثني عِكْرِمةُ، قال: أوحَى اللهُ إلى إبراهيم: إنك قد أكْملت الإسلامَ إلا بَضْعةً منك فألقِها. فقدِم يَختِنُ نفسَه بالفأس، فصرَف بصرَه عن عورته أن يَنظُرَ إليها. قال عِكْرِمة: واختَتن إبراهيمُ وهو ابنُ ثمانين سنة. قال: ولم يَطُفْ بالبيتِ بعدُ على ملّةِ إبراهيمَ إلا مَخْتون (٢).

قال أبو عُمر: هكذا قال عِكْرِمةُ في إبراهيم: إنه اختَتن وهو ابنُ ثمانين سنة. وقد قاله المسيِّبُ بنُ رافع، كذلك ذكَر المَرْوزيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبّاح، قال: حدَّثنا جرير، عن مغيرة، عن المسيِّب بنِ رافع: أوحَى اللهُ إلى إبراهيمَ أن تطهَّر، فتوضَّأ، فأوحى اللهُ إليه أن تطهَّر، فاغتسَل، فأوحى اللهُ إليه أن تطهَّر، فاختَتن بالقَدُّوم بعدَ ثمانينَ سنة. وهذا هو المحفوظُ في حديثِ عجْلانَ وحديثِ الأعرج، عن أبي هُريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلَّم -، وقد مضَى القولُ في الخِتانِ في بابِ سعيدِ بنِ أبي سعيد (٣)، وتقصَّينا هنالك ما للعلماءِ في ذلك.

وفي هذا الحديثِ دليلٌ على جوازِ القولِ في سِيَرِ الأنبياءِ والصالحين، وفي معنى ذلك الحديثُ عن الماضين وأيام الناس جُملةً، وبالله التوفيق.


(١) هو فُضَيْل بن حسين الجحْدَريّ.
(٢) أخرجه الفاكهيُّ في أخبار مكّة (٦٢٢) من طريق حسين بن حسن المروزيّ وأبي بشر بكر بن خلف، عن يزيد بن زُريع، به.
(٣) وهو المقبُري، وقد سلف ما ذكره مع أثر المسيِّب بن رافع في أثناء شرح الحديث الثالث له.

<<  <  ج: ص:  >  >>