للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: احتجَّ الشافعيُّ في سقوطِ وجوبِ الضحيةِ بحديثِ أمِّ سَلَمةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا دخَل العَشْرُ، عشرُ ذي الحجة، فأراد أحدُكم أنْ يُضَحِّي، فلا يأخُذَنَّ من شعَرِه ولا من أظفارِه". قال: في قوله: "فأراد أنْ يُضَحِّي" دليلٌ على أنها غيرُ واجبة، وهذا الحديثُ رواه شُعبة، عن مالكِ بنِ أنس، عن عُمرَ بنِ مسلم، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، عن أمِّ سَلَمة (١). وكان مالكٌ لا يُحدِّثُ به أصحابَه، لأنه كان لا يأخذُ بما فيه من معنى المنع من حَلْقِ الشعَرِ وقَطْع الظُّفُرِ لمَن أراد الضحية، وإنما لم يأخُذْ به لحديثِ عائشةَ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعَثُ بهدْيِه ثم لا يَحرُمُ عليه شيءٌ مما يَحرُمُ على المُحْرِم حتى يَنحَرَ الهدي. وقد ذكَرنا هذا المعنى مُجوَّدًا في باب عبدِ الله بنِ أبي بكر (٢). وذكَر عِمْرانُ بنُ أنس، قال: سألتُ مالكًا عن حديثِ أمِّ سَلَمةَ هذا فقال: ليس من حديثي. قال: فقلتُ لجُلسائِه: قد رواه عنه شُعبةُ وحدَّث به عنه، وهو يقول: ليس من حديثي. فقالوا: إنه إذا لم يأخُذْ بالحديث، قال فيه: ليس من حديثي. وقد رواه عن مالك جماعةٌ، ورُوِيَ من غيرِ حديثِ مالكٍ من وُجوه قد ذكَرناها في باب عبدِ الله بنِ أبي بكر (٣)، والحمدُ للّه.


= من طريق عطاء بن أبي رباح، به إسناده ضعيف جدًّا، لأجل نصر بن حمّاد: وهو ابن عجلان البجلي، فهو متروك الحديث، كما قال أبو حاتم والعقيلي، وكذّبه ابن معين، وعن أبي زرعة: "لا يُكتب حديثه" كما هو مبيّنٌ في تحرير التقريب (٧١٠٩)، وباقي رجال إسناده ثقات، محمد بن راشد: هو المكحولي، وسليمان بن موسى: هو القرشي الأمويّ.
(١) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الثامن لعبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، وهو في الموطأ ١/ ٤٥٨ (٩٦٤).
(٢) في الموضع المشار إليه في التعليق السابق.
(٣) في الموضع المشار إليه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>