للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى الشعبيُّ، عن أبي سَريحةَ الغِفَاريِّ، قال: رأيتُ أبا بكرٍ وعُمرَ وما يُضَحِّيان (١).

وقال ابنُ عُمرَ في الضحية: ليست بحَتْم ولكنها سُنّةٌ ومعروفٌ (٢).

وقال أبو مسعود الأنصاريُّ: إني لأدَعُ الأضْحى وأنا موسِرٌ مخافةَ أنْ يَرى جيراني أنها حتْمٌ عليَّ (٣).

وقال عِكْرمة: كان ابنُ عباس يَبْعَثُني يومَ الأضحى بدرهَمين أشتَري له لحمًا، ويقول: مَن لقِيتَ فقل: هذه أضحيةُ ابن عباس (٤). وهذا أيضًا مَحملُه عندَ أهل العلم؛ لئلا يُعتقدَ فيها، للمواظبةِ عليها، أنها واجبةٌ فرضًا، وكانوا أئمة يَقتَدي بهم مَن بعدَهم ممن ينظُرُ في دينِه إليهم؛ لأنهم الواسطةُ بينَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبينَ أمتِه، فساغ لهم من الاجتهادِ في ذلك ما لا يَسوغُ اليومَ لغيرهم.

والأصلُ في هذا الباب أنَّ الضحيةَ سُنةٌ مؤكّدةٌ؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلَها وواظَب عليها، أو ندَب أُمَّتَه إليها؛ وحسبُكَ أنَّ من فقهاءِ المسلمين مَن يراها فَرْضًا؛ لأمرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المُضَحِّي قبلَ وقتِها بإعادتِها، وقد بيَّنّا ما في ذلك، والحمدُ للّه.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ٣٨١ (٨١٣٩)، وأبو بكر الضبَّي الملقَّب بوكيع في أخبار القضاة ٣/ ٤١ - ٤٢، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٧٤ (٦٢١١)، والمحاملي في أماليه/ رواية ابن مهدي (٣٣٥)، والطبراني في الكبير ٣/ ١٨٢ (٣٠٥٨)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٢٦٥ (١٩٥٠٨) من طرق عن عامر بن شراحيل الشعبي، به.
(٢) هو في المصنف لعبد الرزاق ٤/ ٣٨١ (٨١٣٧) بلفظ: "ليس الأضاحي بشيء، أو قال: ليس بواجب، من شاء ضحًى، ومَنْ شاء لم يُضحِّ".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٤/ ٣٨٣ (٨١٤٩) من طريق سليمان بن مهران الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عنه، به.
(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى ٩/ ٢٦٥ (١٩٥١٠) من طريق عكرمة، عنه، به.
وهو في المصنف لعبد الرزاق ٤/ ٣٨٢ عن رجل مولًى لابن عباس، عنه، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>