للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وقتُ الأضْحَى، فإنَّ العلماءَ مجمِعون على أنَّ يومَ النحرِ يومُ أضحًى، وأجمَعوا على أن قوله عزَّ وجلَّ: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨]. إنَّما قُصِدَ به أيامُ الذّبْح والنحر.

واختلفوا في تعيينِها؛ فقالت طائفة: هي أيامُ العَشْر. ورُوِيَ هذا عن ابنِ عباس (١). وإليه ذهَب الشافعيُّ، والطبريُّ، وفرقة. واحتجَّ بعضُ مَن ذهب إلى هذا بأنه جائزٌ أنْ يكونَ مرادُ الله من قوله: {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}. بعضَ تلكَ الأيام، وهو يومُ النحر، كما قال عزَّ وجلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]. يريدُ بعضَ الأشهر، وأقلَّها، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: ١٦]. وليس القمرُ في السَّبع السماوات، وإنما هو في بعضهنَّ.

وقال الآخرون: الأيامُ المعلومات: هي أيامُ الذبح، وذلك يومُ النحرِ ويومان بعدَه. ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ، وابنِ عُمر (٢)، وابن عباس أيضًا (٣). وعلى هذا القول أكثرُ الناس.

وأما تمهيدُ أقوالِ العلماءِ في مدةِ أيام النَّحْر، فإنَّهم أجمَعوا على أنه لا يكونُ أضحًى قبلَ طلوع الفجر من يوم النحرِ لا لحَضَريٍّ ولا لبَدَويٍّ، واختلَفوا فيما بعدَ ذلك؛ فرُوِيَ عن ابن سيرينَ أنَّ الأضحَى يومٌ واحدٌ، يومُ النحرِ وحدَه. وعن سعيدِ بنِ جبيرٍ وجابرِ بنِ زيد، أنَّ الأضحَى في الأمصارِ يومٌ واحدٌ، وبمِنًى


(١) أخرجه عبد بن حميد في تفسيره كما في تغليق التعليق لابن حجر ٢/ ٢٣٧٧، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٢٢٨ (١٠٤٣٩) من طريق سعيد بن جبير، عنه، به.
(٢) أخرجه ابن المنذر في الأوسط ٤/ ٣٤٢ (٢١٩٣) و (٢١٩٤)، والطحاوي في أحكام القرآن (١٥٦٥) من طرق عن محمد بن عجلان، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وينظر: الدر المنثور للسيوطي ٦/ ٣٨.
(٣) أخرجه ابن المنذر في الأوسط ٤/ ٣٤٢ (٢١٩٢)، والطحاوي في أحكام القرآن (١٥٦٣) و (١٥٦٤) من طريقي سعيد بن جُبير وعطاء بن ابن رباح، عنه رضي الله عنهما.
وأثر عليّ سيأتي بإسناد المصنِّف مع تخريجه بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>