للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الكُبْرَ الكُبْرَ". فسكَت، فتكلَّم حُوَيِّصةُ ومُحَيِّصةُ، ثم تكلَّم هو بعد، فذكَروا لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قتلَ صاحبِهم، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تُسَمُّون قاتِلَكم ثم تَحلِفون عليه خمسين يمينًا فيُسَلَّمُ إليكم؟ ". فقالوا: يا رسولَ الله، ما كنّا لنَحلِفَ على ما لا نعلَمُ. قال: "فيَحلِفون لكم باللّه خمسين يَمينًا ما قتَلوه ولا يعلَمون له قاتلًا، ثم يَبرَؤون من دمِه؟ ". قالوا: يا رسولَ الله، ما كنّا لنَقبَلَ أيمانَ يهود، ما فيهم من الكُفرِ أعظمُ من أن يَحلِفوا على إثم. قال: فوداهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من عندِه مئةَ ناقة. قال سَهْلٌ: فواللّه ما أنسى بَكرةً منها حمراءَ ضرَبتني وأنا أحُوزُها.

ففي هذه الرِّوايات لمالكٍ وغيرِه إثباتُ تَبدِئةِ المُدَّعين بالأيمانِ في القَسامة.

وفي حديثِ مالكٍ هذا من الفقه: إثباتُ القَسامةِ في الدَّم، وهو أمرٌ كان في الجاهلية، فأقرَّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام.

ذكَر مَعْمَرٌ ويونُس، عن الزُّهريِّ، قال: أخبرني أبو سَلَمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ وسُليمانُ بنُ يسار، عن رجالٍ أو رجُل من أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أقَرّ القَسامةَ على ما كانت عليه في الجاهلية؟ ذكَره عبدُ الرزاق (١)، عن مَعْمَر، وذكَرهُ ابنُ وَهْب (٢)، عن يونس، قال يونس: عن رجل. وقال مَعْمَرٌ: عن رجال (٣). وقال مَعْمَرٌ، عن الزُّهريِّ، عن ابنِ المسيِّب: كانت القَسامةُ في الجاهليةِ فأقرَّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقضَى بها في الأنصاريِّ الذي وُجِد مقتولًا في جُبِّ اليهودِ بخَيبر (٤).


(١) في المصنَّف ١٠/ ٢٧ (١٨٢٥٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٧٠) (٧)، والنسائي في المجتبى (٤٧٠٧)، وفي الكبرى ٦/ ٣١٧ (٦٨٨٣).
(٣) في المطبوع من المصنِّف لعبد الرزاق: "عن رجُل".
(٤) ومثل ذلك قال عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن عبد الرزاق في المصنَّف ١٠/ ٢٨ (١٨٢٥٤)، وأحمد في المسند ٣٩/ ٧١ (٢٣٦٦٨)، وعُقيل بن خالد الأيلي عند أحمد في المسند ٢٧/ ١٤٣ (١٦٥٩٨)، وصالح بن كيسان عند مسلم (١٦٧٠) في روايتهم عن محمد بن شهاب الزُّهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>