للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أنَّ القومَ إذا اشترَكوا في معنًى من معاني الدَّعوَى وغيرها، كان أوْلاهم بأن يبدأ بالكلام أكبرَهُم، فإذا سُمِعَ منه تكلَّم الأصغَرُ فسُمِعَ منه أيضًا إنِ احْتيجَ إلى ذلك، وهذا أدبٌ وعلمٌ، فإن كان في الشُّركاءِ في القولِ والدَّعوَى مَن له بيانٌ، ولتَقدِمَتِه في القولِ وَجهٌ، لم يكنْ بتَقديمِه بأسٌ إن شاء الله.

أخبرنا محمدُ بنُ زكريا، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ خالد، قال: حدَّثنا مروانُ بنُ محمد، قال: حدَّثنا أبو حاتم، عن العُتْبيِّ، قال: قال سُفيانُ بنُ عُيينة: قدِم وفدٌ من العراقِ على عُمرَ بنِ عبدِ العزيز، فنظَر عُمرُ إلى شابٍّ منهم يريدُ الكلامَ ويهَشُّ إليه، فقال عُمر: كَبِّروا كَبِّروا. يقول: قدِّموا الكبارَ. قال الفتى: يا أميرَ المؤمنين، إن الأمرَ ليس بالسِّنِّ، ولو كان الأمرُ كذلك، لكان في المسلمين من هو أسَنُّ منك. قال: صدَقْتَ، فتكلَّمْ، رحِمَك الله. قال: إنّا وفْدُ شُكْر، وذكَر الخبرَ (١).

وفيه أنَّ المدَّعين الدمَ يُبَدَّؤون بالأيمانِ في القَسامةِ خاصة، وهو يَخُصُّ قولَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "البَيِّنةُ على المدَّعي، واليمينُ على المُنكر". فكأنَّه قال بدليل هذا الحديث: إلّا في القسامة. ولا فرقَ بينَ أن يجيءَ ذلك في حديثٍ واحدٍ أو حديثَين؛ لأنَّ ذلك كلَّه بسُنَّتِه - صلى الله عليه وسلم -.

وقد حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أبو يحيى بنُ أبي مسَرَّة، قال: حدَّثنا مُطَرِّفُ بنُ عبدِ الله، قال: حدَّثنا مسلمُ بنُ خالدٍ الزَّنْجيُّ، [عن ابن جُريج] (٢)، عن عَمْرِو بنِ شُعيب، عن أبيه،


(١) وساقه بتمامه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٨/ ١٩٥، ومختصرًا ابن قتيبة الدينوري في عيون الأخبار ١/ ٣٣٣، والخطّابي في غريب الحديث ٣/ ١٤١.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة متعينة أخلت بها النسخ لا يصح الإسناد إلا بها، كما في مصادر التخريج، ومسلم بن خالد الزنجي لا تعرف له رواية عن عمرو بن شعيب، وروايته عن ابن جريج ثابتة في تهذيب الكمال ٢٧/ ٥٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>