للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيِّنةُ على المدَّعي، واليمينُ على مَن أنكَر، إلا في القَسامة" (١).

وهذا الحديثُ وإن كان في إسنادِه لينٌ، فإن الآثارَ المتواترةَ في حديثِ هذا الباب تَعْضُدُه، ولكنه موضعٌ اختلَف فيه العلماء؛ فقال مالكٌ رحمه الله (٢): الأمرُ المجتمَعُ عليه عندَنا، والذي سمِعتُ ممّن أرضَى في القَسامة، والذي اجتمَعتْ عليه الأئمةُ في القديم والحديث، أن يُبدَّأ بالأيمانِ المدَّعون في القَسامة.

قال (٣): وتلك السُّنّةُ التي لا اختلافَ فيها عندَنا، والذي لم يزَلْ عليه عملُ الناس، أنَّ المُبدَّئينَ في القَسامةِ أهلُ الدَّم الذين يدَّعُونَه في العمْدِ والخطأ؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بدَّأ الحارِثيِّينَ في صاحبِهم الذي قُتِل بخيبر.

وذهب الشافعيُّ (٤) في تَبدِئةِ المدَّعين الدَّمَ بالأيمانِ إلى ما ذهَب إليه مالكٌ في ذلك، على ظواهرِ هذه الأحاديثِ المتقدِّم ذكرُها في هذا الباب.

ومن حُجةِ مالك والشافعيِّ في تَبدئةِ المدَّعينَ الدَّمَ باليمين - مع صحة الأثر بذلك - قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩]. وقوله


(١) أخرجه ابن المقرئ في معجمه (٦١٦)، والدارقطني في السُّنن ١/ ١٩٨ (٦١٦)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ١٢٣ (١٦٨٨٢) من طرق عن مطرِّف بن عبد الله بن مطرِّف اليساريّ، به. وإسناده ضعيف لأجل مسلم بن خالد الزَّنجيّ، فهو ضعيف يُعتبر بحديثه كما في تحرير التقريب (٦٦٢٥)، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز ثقة ولكنه يدلِّس ولم يصرِّح بالسماع، ولهذا ضعّفه المصنِّف، وكذا الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ٤/ ٣٩ بعد أن ذكره من وجوه أخرى ضعيفة. وهو في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اليمين على المُدَّعى عليه" البخاري (٢٥١٤) و (٤٥٥٢)، ومسلم (٧١١).
(٢) في الموطأ ٢/ ٤٥٣ (٢٥٧٥).
(٣) في الموطأ ٢/ ٤٥٤ (٢٥٧٦).
(٤) الأمّ ٧/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>