للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روَى الزهريُّ، عن سعيدِ بن المسيِّبِ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَذ الجزيةَ من مجوسِ هَجَرَ، وأنَّ عمرَ بن الخطاب أخَذها من مجوسِ السَّواد، وأنَّ عثمانَ بن عفانَ أخَذها من مجوس (١) البَرْبر. هكذا رواه ابنُ وَهْبٍ (٢)، عن يونسَ بن يزيدَ، عن ابن شهابٍ، عن سعيدِ بن المسيِّب. وأمّا مالكٌ (٣) ومَعْمَرٌ (٤) فإنهما جعَلاه عن ابن شهاب، ولم يذكُرا سعيدًا. ورواه ابنُ مهديٍّ، عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن السائبِ بن يزيدَ. وقد ذكَرناه في باب مراسِل ابن شهابٍ.

واختلف الفُقهاء في مُشركي العرب ومَن لا كتابَ له، هل تُؤخَذُ منهم الجزيةُ أم لا؟ فقال مالكٌ: تُقبلُ الجزيةُ من جميع الكُفار، عربًا كانوا أو عجمًا.

وقال الشافعيُّ: لا تُقبلُ الجزيةُ إلّا من أهل الكتاب خاصةً، عربًا كانوا أو عجمًا؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: ٢٩]. قال: وتُقبلُ من المجوس بالسُّنَّة. وعلى هذا مذهبُ الثوريِّ، وأبي حنيفةَ وأصحابه، وأبي ثورٍ، وأحمدَ وداودَ. وقال أبو ثورٍ: الجزيةُ لا تُؤخذُ إلّا من أهل الكتاب، ومن المجوسِ لا غيرُ. وكذلك قال أحمدُ بن حنبل. وكذلك قال أبو حنيفةَ وأصحابُه أنّ مشركي العرب لا يُقبلُ منهم إلّا الإسلامُ أو السَّيفُ، وتُقبلُ الجزيةُ من الكتابيِّين من العرب، ومن سائرِ كفار العجم.


(١) كتبها ناسخ الأصل في الحاشية وصحح عليها، ولم ترد في النسخ الأخرى ولا في مصادر التخريج، وكأنه قصد هنا: من البربر قبل إسلامهم. وقد لاحظنا أن المؤرخين وبعض الكتاب يطلقون لفظ "مجوس" على كثير ممن لا يعرفون أديانهم، ومن ذلك إطلاق أهل الأندلس والمغرب على "النورمنديين" الذين كانوا يغزون السواحل الأندلسية "المجوس" كما في البيان المغرب لابن عذاري.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (٢٠٣١)، والبيهقي ٩/ ١٩٠ من طريق ابن وهب، به.
(٣) الموطأ ١/ ٣٧٤ (٧٥٥)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٣٣١٥) من طريق وكيع عن مالك، به.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٠٠٢٦) و (١٠٠٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>