للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكرِه أن يَسْفِكَ أحدٌ دمَه على هذا، وقال: هو قتالٌ على جُعْل. وكرِه للإمام أن يقول: مَن قاتَل فله كذا، ومن بلَغ موضِعَ كذا فله كذا، ومن قتَل قتيلًا فله كذا، أو نصفُ ما غنِم. قال: وإنما نفَّل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ القتال (١). هذا جملةُ مذهبِ مالكٍ في هذا الباب، ومذهبُ أبي حنيفةَ والثوريِّ نحوُ ذلك (٢).

واتَّفق مالكٌ، والثوريُّ، وأبو حنيفة، على أن السَّلَبَ من غنيمةِ الجيشِ حكمُه كحكم سائرِ الغنيمة، إلا أن يقولَ الأمير: مَن قتَل قتيلًا فله سلَبُه. فيكونَ حينئذٍ له.

وقال الأوزاعيُّ، والليثُ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثور، وأبو عُبيد (٣): السلَبُ للقاتلِ على كلِّ حال، قال ذلك الأميرُ أو لم يَقُلْه. إلا أنَّ الشافعيَّ قال (٤): إنما يكونُ السلَبُ للقاتل إذا قتَل قتيلَه مُقبِلًا عليه، وأما إذا قتَله وهو مُدبِرٌ عنه فلا سَلَب له. وقال الأوزاعيُّ ومكحولٌ (٥): السَّلَبُ مَغْنَمٌ ويُخمَّسُ.

قال الشافعيُّ (٦): يُخمَّسُ كلُّ شيءٍ من الغنيمةِ إلا السَّلَبَ فإنه لا يُخمَّسُ. وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبل والطبريِّ. واحتجُّوا بقولِ عُمرَ بنِ الخطاب: كنا لا نُخمِّسُ السَّلَبَ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

ذكر عبدُ الرزاق (٧)، عن مَعْمَر، عن أيوب، عن ابنِ سيرينَ قال: بارَز


(١) ينظر: المدوّنة ١/ ٥١٨، والتهذيب في اختصارها للقيرواني ٢/ ٦٦ (١١٤٩)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٤٥٨.
(٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٤٥٨.
(٣) ينظر: الأمّ للشافعي ٧/ ٢٤٠، والأوسط لابن المنذر ٦/ ١٢٣، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ١٥٩.
(٤) في الأم ٤/ ١٤٩ و ٧/ ٢٤٠.
(٥) نقله عنهما ابن المنذر في الأوسط ٦/ ١١١، وابن قدامة في المغني ٩/ ٢٣٧.
(٦) في الأمّ ٤/ ١٥٠.
(٧) في المصنَّف ٥/ ٢٣٣ (٩٤٦٨)، ومن طريقه الطبراني في الكبير ٢/ ٢٧ (١١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>