للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجملةُ مَذْهب مالكٍ أنه لا يُنَفَّلُ إلا بعدَ إحرازِ الغنيمة، وقد ذكَرنا حكمَ النَّفَل في مذهبِه ومذهبِ غيرِه في باب نافع من هذا الكتاب (١).

قال مالك (٢): وإنما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قتَل قتيلًا وله عليه بيِّنةٌ فله سَلَبُه". بعدَ أن برَدَ القتالُ يومَ حُنين، ولم يُحفَظْ عنه ذلك في غير يوم حُنين.

قال (٣): ولا بلَغَني فِعْلُه عن الخليفتين، فليس السَّلَبُ للقاتل حتى يقولَ ذلك الإمام، والاجتهادُ في ذلك إلى الإمام.

وقال ابنُ أبي زيد: ظاهرُ حديثِ أبي قتادةَ هذا يدُلُّ على أن ذلك حكمٌ فيما مضَى، ولم يُرِدْ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكونَ أمرًا لازمًا في المستقبل؛ لأنه أعطاه السَّلبَ بشهادةِ رجُلٍ واحدٍ بلا يمين، ويُخَرَّجُ ذلك على الاجتهادِ من الخُمُس إذا رأى ذلك الإمامُ مصلحة، والاجتهادُ فيه مُؤتَنَفٌ.

قال أبو عُمر: بل أعطاه إيّاه واللهُ أعلم؛ لأنه أقرَّ له به مَن كان قد حازَه لنفسِه في القتال، ثم أقرَّ أن أبا قتادةَ أحقُّ بما في يدَيه منه، فأُمِر بدَفْع ذلك إليه.

قال مالكٌ (٤): والسلَبُ من النَّفَل، والفرسُ من النَّفَل - وكذلك قال ابنُ عباس (٥) - ولا نفَلَ في ذهبٍ ولا فضّة، ولا نفَلَ إلا من الخُمُس، ويكونُ في أولِ مَغْنَم وآخرِه على الاجتهاد. وكرِه مالكٌ أن يقولَ الإمام: مَن أصاب شيئًا فهو له.


(١) في أثناء شرح الحديث الرابع عشر لنافع بن عبد الله بن عمر، وقد سلف في موضعه. وهو في الموطّأ ١/ ٥٨٠ (١٢٩٩).
(٢) المدوّنة ١/ ٥١٨، والتهذيب في اختصارها للقيرواني ٢/ ٦٥ (١١٤٧) و (١١٤٨).
(٣) المدوّنة ١/ ٥١٨.
(٤) المدوّنة ١/ ٥١٧، والتهذيب في اختصارها للقيرواني ٢/ ٦٥، وهو في الموطّأ ١/ ٥٨٦ (١٣١٢).
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٨٦ (١٣١٢) عن محمد بن شهاب الزُّهري، عن القاسم بن محمد، قال: سمعت رجلًا يسأل ابن عباس عن الأنفال، فذكره، وسلف تمام تخريجه في أثناء شرح الحديث الرابع عشر لنافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>