للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقبال؛ لِمَا في ذلك من المؤْنَة، ولم يكنْ مخرَجُ الحديثِ إلا على مَن في قتلِه مُؤْنةٌ وله شَوْكةٌ، وأما مَن أُثخِن فلا، ولو كان كما زعَموا، كان الذي أثخَنه أوْلى بسَلَبِه وليس بقاتل، والسلَبُ إنما هو للقاتل علي المعنى الذي وصَفنا، واللهُ أعلم. هذا معنَى قولِه (١).

وقال المُزنيُّ (٢) عن الشافعيِّ: الغنيمةُ كلُّها مقسومةٌ على ما وصَفْنا، إلا السلَبَ للقاتل في الإقبال، قال ذلك الإمامُ أو لم يَقُلْه؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نفَّل أبا قتادةَ يومَ حُنينٍ سلَبَ قتيلِه، وما نفَّله إيّاه إلا بعدَ تقَضِّي الحرب، ونفَّل محمدَ بنَ مسلمةَ سلَبَ مَرحَبٍ يومَ خيبر، ونفَّل يومَ بدرٍ عددًا أسلابًا، ويومَ أُحدٍ رجلًا أو رجلين أسلابَ قتلاهم.

قال: وما علِمتُه - صلى الله عليه وسلم - حضر مَحضَرًا فقتَل رجلٌ قتيلًا في الإقبالِ إلا نفَّله سلَبَه.

قال: ولقد فعَل ذلك بعدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أبو بكرٍ وعمرُ.

قال أبو عُمر: أمّا قولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ حُنين: "مَن قتَل قتيلًا فلَه سلَبُه" فمحفوظٌ من روايةِ الثقاتِ غيرُ مُختلَفٍ فيه.

وأما قولُه ذلك يومَ بدرٍ وأُحُدٍ، فأكثرُ ما يُوجَدُ ذلك من روايةِ أهل المغازي، وقد رُوِيَ من حديثِ أهل السِّيرِ وغيرهم أن سَعْدَ بنَ أبي وَقّاص قتَل يومَ بدرٍ سعيدَ بنَ العاص وأخَذ سيفَه، فنفَّله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إيّاه حتى نزلَت سورة "الأنفال" (٣).


(١) وينظر: روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي ٦/ ٣٧٣.
(٢) في مختصره ٨/ ٣٧٧.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في سُننه (٢٦٨٩)، وفي تفسيره (٩٨٣)، وأبو عُبيد في الأموال (٧٥٦)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٣٧٥٧)، وأحمد في المسند ٣/ ١٢٩ (١٥٥٦) عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن أبي إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان، عن محمد بن عُبيد الثقفيِّ،=

<<  <  ج: ص:  >  >>