للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها سلَبُه، فاستقبَلني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مع الناس، فقال: "مَن قتَل الرجلَ؟ ". قالوا: ابنُ الأكوع. قال: "لك سلَبُه أجمعُ" (١).

وحدَّثنا سعيدُ بنُ نصير وعبدُ الوارثِ بنُ سُفيان، قالا: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح (٢)، قال: حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبة، قال (٣): حدَّثنا وَكيعٌ، عن أبي العُمَيْس، عن إياسِ بنِ سَلَمة، عن أبيه: أنه بارَز رجلًا فقتَله، فنفَّله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سلَبَه.

واحتجَّ أصحابُ (٤) الشافعيِّ لمذهبهم في أن القاتلَ لا يستحِقُّ سلَبَ قتيلِه إلا أن يَقتُلَه مُقْبِلًا، بأشياءَ يطُولُ ذكرُها، أحسنُها عندي ما ذكَرَه أبو العباسِ بنُ سُرَيْج، قال: ليس الحديث: "مَن قتَل قتيلًا فلَه سلَبُه". على عمومِه؛ لاجتماع العلماءِ على أن مَن قتَل أسيرًا أو امرأةً أو شيخًا أنه ليس له سلَبُ واحدٍ منهم، وكذلك مَن ذفَّف (٥) على جريح، أو قتَل مَن قد قُطِعَتْ يَداهُ ورِجْلاهُ. قال: وكذلك المنهزمُ لا يَمتنِعُ في انهزامِه، وهو كالمَكتوف، فعُلِم بذلك أن الحديثَ إنما جَعَل السَّلَبَ لمَن لقَتْلِه معنًى زائدٌ، ولمَن في قتْلِه فضيلةٌ، وهو القاتلُ في


(١) أخرجه أبو داود (٢٦٥٤) من طريق هشام بن عبد الملك الباهلي، به.
وأخرجه أحمد في المسند ٢٧/ ٥٤ (١٦٥٢٣)، ومسلم (١٧٥٤) من طريق عكرمة بن عمّار، به.
(٢) هو محمد بن وضّاح بن بزيع.
(٣) في المصنَّف (٢٣٧٦٤).
وأخرجه أحمد في المسند ٢٧/ ٢٠ (١٦٤٩٢)، والدارمي (٢٤٥١)، وابن ماجة (٢٨٣٦) من طريق وكيع بن الجراح، به. ورجال إسناده ثقات. أبو العميس: هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، وسلمة والد إياس: هو ابن الأكوع الأسلمي، أبو سلمة المدني.
(٤) سقطت هذه اللفظة من الأصل.
(٥) قوله: "ذَفَّف على جريح" الذَّفَفُ: القَتْلُ السريع، والمراد: أجْهَزَ عليه. ينظر: جمهرة اللغة لابن دريد مادة (ذفف) ٢/ ١٠٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>