للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: ليس في خبرِ سَلَمةَ بنِ الأكوع حُجَّةٌ لأبي ثورٍ ولا لغيرِه على الشافعيِّ؛ لأنَّ سَلَمةَ لم يقتُلْه إلا مُلاقيًا ومُتحيِّلًا في قَتْلِه مُغافِصًا له (١)، وقد قيل: إنه بارَزَه.

وأخبرنا قاسمُ بنُ محمد، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ سَعْد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمْرو، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سَنْجَرَ، قال: حدَّثنا هشامُ بنُ عبدِ الملك، قال: حدَّثنا عِكْرمةُ بنُ عمّار، قال: حدَّثني إياسُ بنُ سَلَمة، قال: حدَّثني أبي سَلَمةُ بنُ الأكوع قال: غزَوْنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هوازِن. قال: فبينَما نحن قُعودٌ نتضَحَّى (٢)، إذ جاء رجلٌ على جمل أحمر، فانتزَع طلَقًا من حَقَب البعير (٣)، فقيَّد به بعيرَه، ثم جاء يمشي حتى قعَد معنا يتغدَّى، فنظَر في القوم، فإذا في أظهُرِهم رِقَّةٌ، وأكثرُهم مُشاة، فلمّا نظَر إلى القوم خرَج فانطلَق يَعْدُو، فأتى بعيرَه فقعَد عليه، فخرَج يُرْكِضُه، وهو طليعةٌ للكفار، فاتَّبعَه رجلٌ منّا من أسلمَ على ناقةٍ له ورقاء (٤). قال إياسٌ: قال أبي: فاتَّبعتُه أعدُو. قال: والناقةُ عندَ وَرِكِ الجمل، فلحِقتُه فكنتُ عند وَرِكِ الناقة، ثم تقدَّمتُ حتى كنتُ عندَ وَرِكِ الجمل، ثم تقدَّمتُ حتى آخُذَ بخِطام البعير، فاخترَطتُ سيفي، فضرَبتُ رأسَه فندَر (٥)، ثم جئتُ بناقتِه أقودُها،


(١) أي: مفاجئًا له، والمغافصَة: الأخْذُ على غِرَّة، يقال: غافَصَه الأمرُ: فاجأهُ على غِرَّةٍ منه. ينظر: أساس البلاغة للزمخشري ١/ ٧٠٦، والمصباح المنير مادة (غفص).
(٢) قوله: "نتضحّى" نتغدّى، كأنه من الأكل وقْتُ الضُّحى. قاله القاضي عياض في المشارق ٢/ ٥٦.
(٣) رسمها ناسخ الأصل: "طاقًا"، وهو تحريف، وتحرف عنده "حقب" إلى "خف" ولا معنى لها، والمثبت من بقية النسخ، وقوله: "فانتزعَ طلَقًا من حَقَب البعير" الطّلَق بفتح اللام: قَيْدٌ من جُلود يُقيَّد به البعير، وكلُّ حبل مفتول فهو طَلَقٌ. والحَقَبُ: حبلٌ يُشدُّ به حَقْو البعير، أو هي الزيادة التي تُجعل مؤخّره. ينظر: المشارق ١/ ١٥٩.
(٤) أي: سمراء. ينظر اللسان (ورق).
(٥) أي: سقط ووقع. النهاية ٢/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>