للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: مَرْدْ ومَرْدْ. يقول: رجلٌ إلى رجل. فعَرضتُ على أصحابي أن يبارِزوه فأبوا، وكنتُ رجلًا قصيرًا. قال: فتقدَّمتُ إليه، فصاح صوتًا وهدَر، وصِحْتُ وكبَّرتُ، وحمَل عليَّ فاحتمَلني فضرَب بي. قال: وتميلُ به فرسُه، فأخذْتُ خَنجَرَه، فوثَبتُ على صدرِه فذبَحتُه. قال: وأخَذتُ منطقةً له، وسيفًا، ودِرْعًا، وسِوارَين، فقُوِّم باثنَي عشرَ ألفًا، فأتيتُ به سَعْدَ بنَ مالك، فقال: رُحْ إليَّ، ورُحْ بالسلَب. قال: فرُحْتُ إليه، فقام على المنبر، فقال: هذا سلَبُ شَبْرِ بنِ علقمة، خُذْه هنيئًا مريئًا. فنفَّلَنِيه كلَّه.

وهذا يدُلُّ على أن أمرَ السلَبِ إلى الأمير، واللهُ أعلم.

وذكَر ابنُ أبي شيبة (١)، عن وَكيع، عن سُفيانَ، عن الأسودِ بنِ قيسٍ مثلَه سواءً بمعناه في قصةِ شَبْرِ بنِ علقمةَ يومَ القادسية.

قال (٢): وأخبَرنا أبو الأحوص، عن الأسودِ بنِ قيس، عن شَبْرِ بنِ علقمةَ، قال: بارَزْتُ رجلًا يومَ القادسيةِ فقتَلتُه، وأخذتُ سلَبَه، فأتيتُ سَعْدًا، فخطَب سَعْدٌ أصحابَه، ثم قال: هذا سلَبُ شَبْرِ بنِ علقمة، لهو خيرٌ من اثنيْ عشرَ ألفَ درهم، وإنّا قد نفَّلناه إيّاه.

قال أبو عُمر: لو كان السلَبُ للقاتل قضاءً من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما احتاج الأمراءُ إلى أن يُضيفوا ذلك إلى أنفُسِهم باجتهادِهم، ولأخَذه القاتلُ دونَ أمرِهم، واللهُ أعلم.

واختلَف الفقهاءُ في الرجل يدَّعي أنه قتَل رجلًا بعينِه وادَّعى سلَبَه؛ فقالت طائفةٌ منهم: يُكلَّفُ على ذلك البينة، فإن جاء بشاهدين أخَذه، وإن جاء بشاهدٍ واحدٍ حلَف معه وكان له سلَبُه. واحتجّوا بحديثِ أبي قتادة، وبأنه حقٌّ يُستحقُّ مثلُه


(١) في المصنَّف (٣٣٧٦٦). وكيعٌ: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري.
(٢) في المصنَّف (٣٣٧٥٩). أبو الأحوص: هو سلّام بن سُليم الحنفي الكوفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>