للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أبو محمدٍ فيقال: إنه مسعودُ بنُ أوسٍ الأنصاريُّ. ويقال: سَعْدُ بنُ أوس. ويقال: إنه بَدْرِيٌّ. وقد ذكَرناه في الصحابة (١).

وفي هذا الحديثِ من الفقه دليلٌ على ما كان القومُ عليه من البحثِ عن العلم، والاجتهادِ في الوقوفِ على الصِّحة منه، وطلبِ الحُجّة، وتَرْكِ التقليدِ المؤدِّي إلى ذهابِ العلم.

وفيه دليلٌ على أنّ السلَفِ مَن قال بوُجوب الوِتْر. وهو مذهبُ أبي حنيفة، وقد ذكَرنا وجهَ قوله، والحُجّةَ عليه في غير موضع من كتابنا هذا (٢)، والحمدُ لله.

وقد روَى أبو عِصْمةَ نوحُ بنُ أبي مريم، عن أبانِ بنِ أبي عياش، عن عِكْرمة، عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوِتْرُ عليَّ فريضةٌ وهو لكم تطوُّعٌ، والأضحَى عليَّ فريضةٌ وهو لكم تطوُّعٌ، والغُسْلُ يومَ الجمعةِ عليَّ فريضةٌ وهو لكم تطوُّعٌ" (٣). وهذا حديثٌ منكرٌ لا أصلَ له، ونوحُ بنُ أبي مريمَ ضعيفٌ متروك، ويقال: اسمُ أبيه أبي مريمَ يزيدُ بنُ جَعْوَنة (٤)، وكان أبو عصمةَ هذا قاضي مَرْوٍ، مجتمَعٌ على ضعفِه، وكذلك أبانُ بنُ أبي عياشٍ مجتمَعٌ على ضعفِه وترْكِ حديثه.

وفيه أن الصلَواتِ المكتوباتِ المفتَرضاتِ خمسٌ لا غيرُ، وهذا محفوظٌ في غيرِ ما حديث.

وفيه دليلٌ على أن مَن لم يُصلِّ من المُسلمين في مشيئةِ الله، إذا كان موحِّدًا مؤمِنًا بما جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - مصدِّقًا مقرًّا وإن لم يعمل، وهذا يَردُّ قولَ المعتزلةِ


(١) الاستيعاب ٣/ ١٣٩١ (٢٣٧٤).
(٢) ينظر ما سلف من شرح الحديث الأول لنافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٣) ذكره الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب ٤/ ٤٢٨ (٧٢٤٥) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وعزاه المتَّقي الهندي في كنز العمال ٧/ ٤٠٧ (١٩٥٤١) لعامر بن محمد البسطامي في معجمه وللديلمي ولابن النجار.
(٤) في الأصل، ي ٢: "جعدبة"، وهو تحريف، والصواب ما أثبتنا، وينظر: تهذيب الكمال ٣٠/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>