للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر الطحاويُّ (١)، قال: حدَّثنا فهدُ بنُ سُليمان، قال: حدَّثنا عَمْرُو بنُ عونٍ الواسطيُّ، قال: حدَّثنا جعفرُ بنُ سُليمان، عن عاصم، عن شقيق، عن ابنِ مسعود، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "أُمِر بعبدٍ من عبادِ الله عزَّ وجلَّ أن يُضربَ في قبرِه بمئةِ جَلْدةٍ، فلم يزلْ يسألُ اللهَ ويدعوه حتى صارت جَلدةً واحدةً، فجُلِد جلدةً واحدةً، فامتلأ قبرُه عليه نارًا، فلمّا ارتفَع عنه أفاق، فقال: علامَ جلَدتمُوني؟ قالوا: إنك صلَّيتَ صلاةً بغير طُهور، ومرَرتَ على مظلوم فلم تَنصُرْه".

قال الطحاويُّ (٢): وفي هذا ما يدلُّ على أن تاركَ الصلاةِ ليس بكافر؛ لأنَّ مَن صلَّى صلاةً بغيرِ طهورٍ فلم يُصَلِّ. وقد أُجيبتْ دعوتُه، ولو كان كافرًا ما سُمِعتْ دعوتُه؛ لأنَّ اللهَ يقول: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: ١٤، غافر: ٥٠].

واحتجَّ أيضًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الذي يتركُ صلاةَ العصر، فكأنما وَتِر أهلَه ومالَه" (٣). قال (٤): فلو كان كافرًا لكان القصدُ إلى ذكرِ ما ذهَب من إيمانِه لا إلى ذهابِ أهلِه ومالِه.

ومعلومٌ أن ما زاد على صلاةٍ واحدةٍ من المحملواتِ في حُكْم الصلاةِ الواحدة، ألا ترَى أن تاركَها عامِدًا حتى يخرُجَ وقتُها يُستتابُ على الوُجوهِ التي ذكَرْنا عن


(١) في شرح مشكل الآثار ٨/ ٢١٢ (٣١٨٥)، ورجال إسناده ثقات غير جعفر بن سليمان: وهو الضُّبعي فهو صدوق، فهد بن سليمان شيخ الطحاوي: هو ابن يحيى، أبو محمد الكوفي النحاس، قال ابن يونس في تاريخه ٢/ ١٧١ (٤٥٢): "كان ثقة ثبتًا"، وعاصم: هو ابن بهدلة، وهو ابن أبي النجود، ثقة يَهِمُ، فهو حسن الحديث كما في تحرير التقريب (٣٠٥٤)، وشقيق: هو ابن سلمة الأسدي.
(٢) في شرح مشكل الآثار ٨/ ٢١٢ - ٢١٣.
(٣) سلف تخريجه مرارًا، ينظر شرح الحديث الواحد والعشرين لزيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم.
(٤) في شرح مشكل الآثار ٨/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>