للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماءِ على مذاهبِهم في ذلك، في بابِ زيدِ بنِ أسلم (١)، وجملةُ القولِ في هذا الباب أن من لم يُحافظْ على أوقاتِ الصلواتِ لم يُحافظْ على الصلوات، كما أن مَن لم يُحافظْ على كمالِ وُضوئها وتمام رُكوعِها وسُجودِها فليس بمحافظٍ عليها، ومَن لم يُحافظْ عليها فقد ضيَّعها، ومَن ضيَّعها فهو لِمَا سواها أضيعُ، كما أن مَن حفِظَها وحافظَ عليها حفِظ دينَه، ولا دينَ لمن لا صلاةَ له. ورحِم اللهُ أبا العتاهيةِ حيث يقول (٢):

أقمِ الصلاةَ لوقتِها بطَهورِها ... ومِنَ الضلالِ تفاوتُ الميقاتِ (٣)

قال أبو عُمر: إنما ذكَرنا أحاديثَ هذا الباب وإن كان فيها للمُرجئةِ تعلُّقٌ؛ لأنَّ المعتزلةَ أنكَرتِ الحديثَ المرويَّ في قوله: "ومَن لم يأتِ بهنَّ فليس له عندَ الله عهدٌ، إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفَر له". وقالت: مَن لم يأتِ بهنَّ فهو في النارِ مخلَّدٌ. فردَّتِ الحديثَ المأثورَ في ذلك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من نَقْل العُدولِ الثقات، وأنكَرت ما أشبَهه من تلك الأحاديث، ودفَعت قولَ الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}. فضَلَّت وأضَلَّت، فذكَرنا في هذا الباب من الآثارِ ما يضارعُ هذه الآيةَ حجةً عليهم، والحمدُ لله.


(١) في أثناء شرح الحديث الواحد والعشرين له، وقد سلف في موضعه.
(٢) ديوانه، ص ٩٥.
(٣) في الأصل: "الأوقات"، والمثبت من ي ٢، وهو الموافق لما في الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>