للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

والنفسُ موقوفةٌ والموتُ غايتُها ... نَصْبَ الرَّمِيَّةِ للأحداثِ تَرْمِيها

قال أبو عُبيد (١): في قوله: "كما يخرجُ السهمُ من الرميّة". قال: يقول: خَرَج السهمُ ولم يتمسَّكْ بشيء، كما خرَج هؤلاء من الإسلام ولم يتمسَّكوا بشيء.

وقال غيرُه: "تتمارى في الفُوق"؛ أي: تَشُكُّ، والتماري: الشَّكُّ، وذلك يوجبُ ألّا يُقطَعَ على الخوارج ولا على غيرِهم من أهل البِدَع بالخروج من الإسلام، وأن يُشَكَّ في أمرهم، وكلُّ شيءٍ يُشَكُّ فيه، فسبيلُه التوقفُ عنه دونَ القطع عليه.

وقال الأخفشُ: شبَّهه برميةِ الرامي الشديدِ الساعدِ إذا رمَى فأنفذَ سهمَه في جَنْبِ الرميَّة، فخرَج السّهْمُ من الجانبِ الآخَرِ من شدَّةِ رميِه وسُرعةِ خروج سهْمِه، فلم يتعلَّقْ بالسهم دمٌ ولا فَرْثٌ؛ فكأن الراميَ أخذَ ذلك السهمَ فنظَر في النَّصْل -وهو الحديدةُ التي في السّهْم- فلم يرَ شيئًا، يريدُ من فَرْثٍ ولا دم، ثم نظَر في القِدْح -والقِدْح: عُودُ السهم نفسُه- فلم يرَ شيئًا، ونظَر في الرِّيش فلم يرَ شيئًا.

وقوله: "تتمارَى في الفُوق"، والفُوقُ: هو الشقُّ الذي يدخلُ فيه الوَتَرُ، أي: يشكُّ إن كان أصابَ الدمُ الفُوقَ. يقول: فكما خرَج السهمُ خاليًا نقيًّا من الفَرْثِ والدم لم يتعلقْ منها بشيء، فكذلك خروجُ هؤلاء من الدِّين، يعني الخوارج.

وفي غير حديثِ مالكٍ ذُكِر الرُّعْظُ: وهو مدخلُ السَّهم في الزُّجِّ، والرِّصافُ: وهو العَقَبُ الذي يُشَدُّ عليه. والقُذَذُ: وهو الريش، واحدتُها قُذّةٌ.

أخبرنا خَلَفٌ (٢)، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ عُمر، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ


(١) في غريب الحديث له ١/ ٢٦٦ - ٢٦٧.
(٢) هو خلف بن قاسم، وشيخه عبد الله بن عمر: هو ابن إسحاق الجوهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>