للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر عبدُ الرزاق، عن مَعْمر، عن أيوب، عن نافع، قال: قيل لابن عُمر: إنَّ نَجْدةَ يقول: إنك كافرٌ. وأراد قتْلَ مولاك إذ لم يقل: إنك كافرٌ. فقال عبدُ الله: كذَب والله، ما كفرتُ منذ أسلمتُ. قال نافع: وكان ابنُ عُمرَ حين خرَج نَجْدةُ يَرى قتالَه.

قال عبدُ الرزاق (١): وأخبرنا مَعْمرٌ، عن ابنِ طاووس، عن أبيه، أنه كان يُحرِّضُ الناسَ على قتالِ زريقٍ الحَرُوريِّ.

فأما قوله: "يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ حناجرَهم" فالحناجرُ جمعُ حَنْجرَةٍ، وهي آخِرُ الحَلْقِ مما يلي الفم؛ ومنه قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠]. وقيل: الحنجرةُ أعلى الصدرِ عندَ طرفِ الحُلقوم.

وأما قوله: "يمرُقون من الدِّين" فالمُرُوق: الخروجُ السريع، "كما يمرُقُ السهمُ من الرَّمية". والرَّميةُ: الطريدةُ من الصيد، المرميّةُ (٢).

وهي فعيلةٌ من الرَّمي؛ لأنَّ كلَّ فاعل يُبنى على فِعْله فالاسمُ منه فاعل، والمفعولُ منه مفعول؛ كقولك: ضرَب. فهو ضاربٌ، والمفعولُ مضروبٌ، والأنثى مضروبةٌ؛ فإذا بنَيْتَ الفعلَ من بناتِ الياء، قلت: رمَى، فهو رام، والمفعولُ مَرميٌّ، وكان أصلُه "مَرْمُويٌ"، حتى يكون على وزن مفعول، فاستثقَلتِ العربُ ياءً قبلَها ضمّة، فقَلبتِ الواوَ ياءً، ثم أدغَمَتْها في الياءِ التي بعدَها، فصار "مَرْميٌّ"، فإذا أنَّثتَه قلت: مَرْميّةٌ. وإذا أدخلتَ عليها الألفَ واللامَ قلت: المَرْميّةُ والرَّمِيّةُ. مثلَ المقتولةِ والقتيلة.


(١) في المصنَّف ١٠/ ١١٩ (١٨٥٨١).
(٢) زاد ناشر م من إحدى النسخ بعد هذا ما يأتي: "وأتت بهاء التأنيث لأنه ذهب مذهب الأسماء التي لم تجئ على مذهب النعت، وإن كان فعيل نعتًا للمؤنث وهو في تأويل مفعول كان بغير هاء نحو: لحية خصيب، وكف دهين، وشاة رميّ؛ لأنها في تأويل مخضوبة، ومدهونة، ومرمية، وقد تجيء فعيل بالهاء، وهي في تأويل مفعولة تخرج مخرج الأسماء، ولا يذهب بها مذهب النعوت نحو النطيحة والذبيحة، والفريسة، وأكيلة السبع"، ولا وجود لها في الأصل، ي ٢، ولا ضرورة لها، فكأنها من شروح بعض القراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>