للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابنُ وَهْب، عن عَمْرِو بنِ الحارث، عن بُكَيرِ بنِ عبدِ الله بنِ الأشجِّ، عن بُسْرِ بنِ سعيد، عن عُبيدِ الله بنِ أبي رافع مولى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، أنَّ الحرُوريةَ لمّا خرَجت، وهو مع عليٍّ بنِ أبي طالب، فقالوا: لا حُكْمَ إلا لله. فقال عليٌّ: كلمةُ حقٍّ أُريد بها باطلٌ؛ إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وصَف أُناسًا، إني لأعرِفُ صِفَتَهم في هؤلاء؛ يقولون الحقَّ بألسِنَتهم، لا يُجاوزُ هذا منهم -وأشار إلى حَلْقِه- من أبغضِ خَلْقِ الله إليه، منهم أسودُ، إحدى يدَيه كطُبْيِ شاةٍ (١) أو حَلَمَةِ ثَدْي. فلمّا قتَلهم عليُّ بنُ أبي طالب، قال: انظُروا، فنَظروا. فلم يجدُوا شيئًا، فقال: ارجعُوا، فوالله ما كذبتُ ولا كُذبتُ. مرتين أو ثلاثًا، ثم وجَدُوه في خَرِبة، فأتوا به حتى وضَعُوه بين يدَيْه، فقال عبيدُ الله: أنا حاضرٌ ذلك من أمرِهم وقولَ عليٍّ فيهم.

قال بُكيرُ بنُ الأشجّ: وحدَّثني رجلٌ، عن إبراهيمَ بن حُنَين، أنه قال: رأيتُ ذلك الأسود (٢).

قال أبو عُمر: قوله: "يخرجُ". وقوله: "إن لهذا أصحابًا يخرجُون عندَ اختلافٍ من الناس". يدُلُّ على أنهم لم يكونوا خرَجوا بعدُ، وأنهم يخرُجونَ فيهم، وقد استدلَّ بنحو هذا الاستدلالِ مَن زعَم أن ذا الخُوَيْصِرَةِ ليس ذا الثُّدَيَّة، واللهُ أعلم.

ويحتمِل قولُه: "إن لهذا أصحابًا"، يريدُ على مذهَبه، وإن لم يكونوا ممّن صحِبَه، كما يقالُ لأتباع الشافعيِّ، وأتباع مالك، وأتباع أبي حنيفة، وغيرِهم من الفقهاءِ فيمن تبِعَهم على مذاهبهم: هؤلاء أصحابُ فلان، وهذا من أصحابِ فلان، واللهُ أعلم.


(١) قوله: "كطبْي شاةٍ" الطُّبْي: بضمِّ الطاء وكسرها: الضّرع. النهاية ٣/ ١١٥.
(٢) أخرجه مسلم (١٠٦٦) (١٥٧)، والنسائي في الكبرى ٧/ ٤٧٣ (٨٥٠٩)، وابن حبّان في صحيحه ١٥/ ٣٨٧ - ٣٨٨ (٦٩٣٩) من طرق عن عبد الله بن وهب، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>