للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: أجمَع العلماءُ على أن مَن شقَّ العَصَا، وفارَق الجماعة، وشهَر على المُسلمين السلاحَ، وأخافَ السبيلَ، وأفسَدَ بالقَتْلِ والسَّلْب، فقَتْلُهم وإراقةُ دمائِهم واجبٌ؛ لأنَّ هذا من الفسادِ العظيم في الأرض، والفسادُ في الأرضِ موجِبٌ لإراقةِ الدماءِ بإجماع، إلا أن يتوبَ فاعلُ ذلك من قَبْلِ أن يُقدَرَ عليه، والانهزامُ عندَهم قريبٌ من التوبة، وكذلك مَن عجَز عن القتال، لم يُقتَلْ إلا بما وجَب عليه قبلَ ذلك.

ومن أهلِ الحديثِ طائفةٌ تراهُم كفّارًا على ظواهرِ الأحاديثِ فيهم، مثلُ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حملَ علَينا السِّلاحَ فليسَ منّا" (١) ومثلُ قوله: "يمْرُقون من الدِّين" وهي آثار يُعارِضُها غيرُها فيمَن لا يُشركُ بالله شيئًا، ويُريدُ بعمَلِه وجْهَه، وإن أخطأ في حُكمه واجتهادِه. والنّظرُ يشهدُ أنّ الكُفرَ لا يكونُ إلا بضِدِّ الحالِ التي يكونُ بها الإيمان، لأنهما ضِدّان؛ وللكلام في هذه المسألةِ موضِعٌ غيرُ هذا، وبالله التوفيق.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٨/ ٤٠ (٤٤٦٧)، والبخاري (٦٨٧٤)، ومسلم (٩٨) من حديث نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وأخرجه أحمد في المسند ١٥/ ٢٣٢ (٩٣٩٦)، ومسلم (١٠١) من حديث أبي صالح ذكوان السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم (١٠٠) من حديث أبي بُردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>