للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلاقًا أو سمّاه فهو طلاقٌ، فإن كان سمَّى واحدة فهي تطليقةٌ بائنةٌ، وإن لم ينوِ طلاقًا ولا شيئًا لم تَقَعْ فُرقةٌ.

وقال أبو ثور (١): إذا لم يسمِّ الطلاقَ فالخُلْعُ فُرقةٌ وليسَ بطلاق، وإن سمَّى تطليقةً فهي تطليقةٌ، والزوجُ أملَكُ برجعتِها ما دامت في العدَّة.

قال أبو عُمر: احتجَّ مَن لم يرَ الخُلع طلاقًا بحديثِ ابنِ عُيينة، عن عَمْرو، عن طاووس، عن ابنِ عباس، أن إبراهيمَ بنَ سَعْدِ بنِ أبي وَقّاص سأله فقال: رجلٌ طلَّق امرأتَه تطليقتَيْن، ثم اختلَعت منه، أيتزوَّجُها؟ قال: نعم، ليَنكحْها، ليس الخُلْعُ بطلاق؛ ذكَر اللّهُ عزَّ وجلَّ الطلاقَ في أولِ الآية وآخرِها، والخُلْعَ فيما بينَ ذلك، فليس الخُلْعُ بشيء. ثم قال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٢) [البقرة: ٢٢٩]. وقرأ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].

واحتجَّ مَن جعل الخُلْعَ طلاقًا بحديثِ شُعبة، عن الحكَم، عن خَيْثمة، عن عبدِ اللّه بنِ شهاب قال: شهِدتُ عُمرَ بنَ الخطاب أتتْه امرأةٌ ورجلٌ في خُلْع فأجازَهُ، وقال: إنّما طلَّقكِ بمالِكِ (٣).

وبحديثِ مالك (٤)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن جُمْهانَ مولى الأسلميِّين،


(١) نقله عنه محمد بن نصر المروزي في اختلاف الفقهاء، ص ٣٠٢، وابن المنذر في الأوسط ٩/ ٣٢٧.
(٢) أخرجه الشافعي في الأمّ ٥/ ١٢٢، وعبد الرزاق في المصنَّف ٦/ ٤٨٦ (١١٧٧١)، وسعيد بن منصور في سننه (١٤٥٥)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (١٨٧٦٦) أريعتهم عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه سعدان بن نصر البزاز في جزئه (٥٧)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٧/ ٣١٦ (١٥٢٦١) كلاهما عن سفيان بن عيينة، به. وإسناده إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما صحيح. عمرو: هو ابن دينار، وطاووس: هو ابن كيسان.
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٦/ ١٥٣، وابن أبي شيبة في المصنَّف (١٨٧٨٤). شعبة: هو ابن الحجّاج، والحكم: هو ابن عُتيبة، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن الجعفي، وعبد اللّه بن شهاب: هو الخولاني، وهو صدوق، وباقي رجال الإسناد إليه ثقات.
(٤) الموطّأ برواية أبي مصعب الزُّهريّ (١٦١٣)، وبرواية محمد بن الحسن الشيباني (٥٦٣).
ورواه عن مالك الشافعي في الأمّ ٥/ ١٢٣، وعبد الله بن وهب المصريّ عند الطحاوي في أحكام القرآن (٢٠٢٦). =

<<  <  ج: ص:  >  >>