للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فراقٌ. فأنكَره عليه أهلُ مكة، فجمَع ناسًا؛ منهم ابنا عبّادٍ وعِكْرمةُ بنُ خالد، فاعتذَر إليهم من هذا القول، وقال: إنما ابنُ عباس قاله (١)؛ قال القاضي: لا نعلَمُ أحدًا من أهلِ العلم قاله إلا من روايةِ طاووس.

قال أبو عُمر: قال مالكٌ رحمه اللّه: المُختلعةُ هي التي اختلَعت من جميع مالِها، والمُفتدِيَةُ هي التي افتدَت ببعضِ مالِها، والمبارِئةُ هي التي بارأَت زوجَها من قبلِ أن يدخُلَ بها فقالت: قد أبرَأتُكَ ممّا كان يلزَمُك من صداقي، ففارِقْني. قال: وكلُّ هذا سواءٌ، هي تطليقةٌ بائنةٌ (٢).

قال أبو عُمر: قد تدخلُ عندَ غيرِه من أهلِ العلم بعضُ هذه الألفاظِ على بعض، فيقال: مُختلِعةٌ. وإن دفَعت بعضَ مالِها، وكذلك المُفتَدِيةُ ببعضِ مالِها وكلِّ مالِها، وهذا تُوجِبُه اللُّغة، واللّهُ أعلم.

قال أبو عُمر: اختلَف العلماءُ في المُختلعة؛ هل لزوجِها أن يخطُبَها في عدَّتِها، ويُراجعَها باذنها ورضاها على حُكم النكاح؟ فقال أكثرُ أهلِ العلم: ذلك جائزٌ له وحدَه، وليس لأحدٍ غيرِه أن يخْطُبَها في عدَّتها. وهو مذهبُ مالك، والشافعيِّ، وجمهور الفقهاء. وهو قولُ سعيدِ بن المسيِّب، والزُّهريِّ، وعطاء، وطاووس، والحَسَن، وقَتادة، وغيرِهم (٣).

وقالت طائفةٌ من المتأخِّرين: لا يخطُبُها في عدَّتِها هو ولا غيرُه، وهو وغيرُه في نكاحِها وفي عدَّتِها سواءٌ. وهذا شذوذٌ، وباللّه التوفيقُ والعصمةُ (٤).


(١) أخرجه الفاكهي في أخبار مكّة (١٨٤٦) من طريق سفيان بن عُيينة، به. ورجال إسناده إلى ابن عباس ثقات. ابن أبي نجيح: هو عبد اللّه.
وعزاه لإسماعيل بن إسحاق القاضي ابن حجر في الفتح ٩/ ٤٠٣ وصحَّح إسناده.
(٢) المدوَّنة ٢/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٣) ينظر المصنَّف لعبد الرزاق ٦/ ٤٩١ - ٤٩٢ (١١٧٩٢ - ١١٧٩٥) و (١١٧٩٧)، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي، ص ٣٠١ - ٣٠٣، والأوسط لابن المنذر ٩/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(٤) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد الله وحسن توفيقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>