للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلالتِه روايتان شاذَّتان عن ابنِ عباس؛ هذه إحداهُما في الخُلع، والأخرى في الطلاقِ الثلاثِ المجتمعاتِ أنها واحدةٌ (١). وروَى عن ابنِ عباسٍ جماعةٌ من أصحابه (٢) خلافَ ما روَى طاووسٌ في طلاقِ الثلاثِ أنها لازمةٌ في المدخولِ وغيرِ المدخولِ بها أنَّها ثلاثٌ ثلاثٌ، لا تحِلُّ له حتى تنكِحَ زوجًا غيرَه. وعلى هذا جماعةُ العلماءِ والفقهاءِ بالحجاز، والعراق، والشام، والمشرق، والمغرب، من أهل الفقهِ والحديث، وهم الجماعةُ والحُجّة، وإنما يخالفُ في ذلك أهلُ البدع؛ الخَشَبيّة (٣) وغيرُهم من المعتزلةِ والخوارج، عصَمنا اللّهُ برحمتِه.

وذكَر إسماعيلُ القاضي، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ المدينيِّ، قال: حدَّثنا سُفيانُ بنُ عُيينة، عن ابن أبي نَجيح قال: تكلَّم طاووسٌ فقال: الخُلْعُ ليس بطلاق، هو


(١) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٦١ (٢٨٧٥)، ومسلم (١٤٧٢)، وأبو داود (٢٢٠٠)، والنسائي في المجتبى (٣٤٠٦)، وفي الكبرى ٥/ ٢٥٤ (٥٥٦٩) من طرق عنه، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. قال البيهقي في الكبرى ٧/ ٣٣٦ باثر الحديث نفسه (١٥٣٦٩): "وهذا الحديث أحدُ ما اختلف فيه البخاريُّ ومسلم، فأخرجه مسلمٌ وتركَهُ البخاريُّ، وأظنُّه إنما تركَهُ لمُخالفتِه سائر الرواياتِ عن ابن عباس".
(٢) ومن هؤلاء: سعيد بن جُبير، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وعكرمة مولاه، وعمرو بن دينار، ومالك بن الحارث، ومحمد بن إياس بن البُكير، قاله البيهقي في الكبرى ٧/ ٣٣٧ بإثر الحديث المرويِّ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في هذا من طريق محمد بن إياس بن البُكير عنه، وأضاف: "وروينا عن معاوية بن أبي عيّاش الأنصاريّ، كلّهم عن ابن عبّاس أنه أجازَ الطلاق الثلاثَ وأمضاهُن".
ويُنظر بعض ما رُويَ عنه في هذا: الأمّ للشافعي ٥/ ١٤٩، والمصنَّف لابن أبي شيبة (١٨١٠٢) و (١٨١٠٣)، والأوسط لابن المنذر ٩/ ١٥٧ - ١٥٨ (٧٦٣٣ - ٧٦٣٦)، وشرح معاني الآثار للطحاوي ٣/ ٥٨ (٤٤٨١) و (٤٤٨٢)، وسنن الدارقطني ٥/ ٢٤ - ٢٦ (٣٩٢٤ - ٣٩٢٩)، والسنن الكبرى للبيهقي ٧/ ٣٣٧.
(٣) الخَشَبيّة: لقبٌ أطلق على بعض الشِّيعة، لقولهم: إنّا لا نُقاتل بالسَّيف إلّا مع إمام معصوم، فقاتلوا بالخَشَب، قال ابن حزم: "فهم لا يستحلُّون حمْلَ السلاح حتى يخرُجَ الذي ينتظرونه" ينظر: الفصل في الملل والنحل لابن حزم ٤/ ١٤٢، ومنهاج السُّنة النبوية لابن تيمية ١/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>