للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاقُ بنُ راهُوية وأبو ثور. وهو قولُ ابنِ عباسٍ بلا اختلافٍ عنه (١)، وأحدُ قولي الشافعيِّ. ورُوِيَ عن ابنِ عُمرَ مثلُ ذلك (٢). ورُوِيَ عنه أنَّ عِدَّةَ المُخْتلعةِ عدَّةُ المُطلّقة؛ رواه مالكٌ (٣) وغيرُه، عن نافع، عن ابنِ عمر. وهو أصحُّ عن ابنِ عُمر، وهو المشهورُ من قول الشافعيِّ. وبه قال سعيدُ بنُ المسيِّب، وسُليمانُ بنُ يسار، وسالمٌ، وعُروةُ، وعُمرُ بنُ عبدِ العزيز، والزُّهريُّ، والحسنُ، والنَّخَعيُّ، ومالكٌ، والأوزاعيُّ، وأبو حنيفة، وأحمدُ بنُ حنبل (٤).

وفيه أنَّ المُختلِعةَ أملَكُ لنفسِها، لا تُنْكَحُ إلا برضاها، خلافَ قولِ أبي ثور. وفيه دليلٌ على أن المختلعةَ لا يلحَقُها طلاقٌ، ولا ظِهار، ولا إيلاءٌ، ولا لِعانٌ؛ لأنه لم يجعَلْ لها سُكْنَى ولا نفقةً، ولا يتوارَثان، وجعَلها بخلافِ الرجعية، وقولُ أبي حنيفةَ أنها يلحَقُها الطلاقُ، خلافُ أقاويلِ الفقهاء (٥). وكذلك ما رواه طاووسٌ، عن ابنِ عباس في أنَّ الخُلع ليس بطلاق (٦)، شذوذٌ في الرواية، وما احتجَّ به فغيرُ لازم؛ لأنَّ قوله عزَّ وجلَّ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}. عندَ أهل العلم كلامٌ تامّ بنفسِه، وقوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} حكمٌ مستأنفٌ فيمن طُلِّقت وفيمَن لم تُطلَّقْ، ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا}. فرجَع إلى المعنى الأوّل في قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}. ومثلُ هذا التقديم والتأخير ودُخولِ قصةٍ على أخرى في القرآنِ كثيرٌ، ولطاووس مع


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٨٧٨٠).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٨٧٧٦ - ١٨٧٧٨)، وأبو داود (٢٢٣٠) من طرق عن نافع مولى عبد اللّه بن عمر، عنه رضي اللّه عنهما، وإسناده إليه صحيح. وسلف تخريج أقوال إسحاق بن راهوية وأبي ثور وغيرهما أثناء هذا الشرح.
(٣) الموطّأ ٢/ ٧٥ (١٦٣٨).
(٤) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٦/ ٥٠٧ (١١٨٦١)، والأمّ للشافعي ٥/ ١٢٣ - ١٢٤، والمصنَّف لابن أبي شيبة باب (ما قالوا في عدّة المختلعة، كيف هي) ٥/ ١١٣ - ١١٤، والأوسط لابن المنذر ٩/ ٥٤٤ - ٥٤٦.
(٥) قوله: "خلاف أقاويل الفقهاء" لم يردفي الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٦) سلف تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>