للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: أعتَقت امرأة أو رجلٌ ستةَ أعبدٍ لها عندَ الموتِ لم يكنْ لها مالٌ غيرُهم، فذكَر الحديث.

قال (١): وأخبَرنا ابنُ جُريج، قال: أخبرني سُليمانُ بنُ موسى، قال: سمِعتُ مكحولًا يقول: أعتَقت امرأةٌ من الأنصارِ تُوفِّيت أعبدًا لها ستةً لم يكنْ لها مالٌ غيرُهم، فلما بلَغ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- غضِب وقال في ذلك قولًا شديدًا، ثم دعا بستّةِ قِداح فأقرَع بينَهم، فأعتَق اثنَين (٢). قال سُليمانُ بنُ موسى: كنتُ أُراجِعُ مكحولًا فأقول: إن كان ثمنُ عبدٍ ألفَ دينارٍ أصابتْهُ القرعةُ فذهَب المال، فقال: قِفْ على أمرِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-. قال ابنُ جُريج: قلتُ لسُليمان: الأمرُ يستقيمُ على ما قال مكحولٌ. قال: كيف؟ قلت: يُقامُونَ قيمةً، فإن زاد اللذانِ أُعتِقا على الثُّلثِ أُخِذَ منهما، وإن نقَصا أُعتِقَ ما بقيَ أيضًا بالقُرعة، فإن فضلَ عليه أُخِذ منه. قال: لم يبلُغْنا أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أقامَهُم.

قال إسماعيلُ القاضي: قد ذكَر غيرُ واحدٍ في الأحاديثِ المُسْنَدةِ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- جزَّأهم، فهذا يدُلُّ على القيمة، ولو لم يذكُرِ التجزئةَ في الحديث، لعُلِمَ أن القيمةَ لا بدَّ منها، إذا كان الواجبُ في ذلك إخراجَ الثُّلُث، فإن استوى الرقيقُ كانوا على العدد، وإن لم يستووا كانوا على القيمة، على ما فسَّره ابنُ جُريج، وهو قولُ مالك.

حدَّثنا سعيدٌ وعبدُ الوارث (٣)، قالا: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ


(١) يعني عبد الرزاق في المصنَّف ٩/ ١٥٩ (١٦٧٥٢). سليمان بن موسى: هو القرشي الأموي الدمشقي الأشدق، ومكحولٌ: هو الشاميّ.
(٢) وقع بعده في المصنَّف: "قلت: عن سعيد بن المسيِّب؟ قال: ما كان يأثُرُه عن أحدٍ دون النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال لي قيسٌ: أشهُده لأثَرهُ عن ابن المسيِّب، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال سليمان: فلا نأخذ الآن بذلك ولا يُقضى به عندنا، ولكنّا سنَسْتَسعيهم في الثُّلثين الباقيين".
(٣) سعيدٌ: هو ابن نصر أبو عثمان الأندلسي، وعبد الوارث: هو ابن سفيان بن جبرون القرطبي، وشيخهما قاسم: هو ابن أصبغ البياني، وهم المذكورون في أول إسناد الحديث الآتي بعده. وهذا الحديث سلف تخريجه أثناء هذا الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>