للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلثُ كلِّ واحد، وإن دبَّر في مرضِه واحدًا بعد واحد، بُدِئ الأول فالأول، كما لو دبَّرهم في الصحة، أو في مرضٍ ثم صحَّ (١).

قال أبو عُمر: قولُ أشهبَ وأصبغَ هذا خلافُ السُّنة؛ لأنَّ الحديثَ إنما ورَد في رجلٍ أعتَق في مرضِه ستةَ مملُوكينَ لا مالَ له غيرُهم، وهو أيضًا مخالفٌ لقولِ أهلِ الحجاز، ومخالفٌ لقولِ أهلِ العراق.

وذكَر ابنُ حبيب، عن ابنِ القاسم، وابنِ كِنَانة، وابن الماجشُون، ومُطَرِّفٍ، قالوا: إذا أعتَق الرجلُ في مرضِه عبيدًا له عتقًا بَتْلًا، أو أوصَى لهم بالعَتاقة كلِّهم أو بعضِهم، سمّاهم أو يسمِّهم، إلا أنَّ الثلثَ لا يحمِلُهم، أنَّ السَّهْمَ يَجري فيهم، كان له مالٌ سواهم أو لم يكن.

قال ابنُ حبيب: وقال ابنُ نافع: إن كان له مالٌ سواهم لم يُسهَمْ بينَهم، وأُعتِق من كلِّ واحدٍ ما ينوبُه، وإن لم يكنْ له مالٌ سواهم، أو كان له مالٌ تافهٌ، فإنه يُقرَعُ بينَهم.

وقال الشافعيُّ (٢): وإذا أعتَق الرجلُ في مرضِه عبيدًا له عتقَ بتات؛ انتُظِر بهم، فإن صحَّ عتَقوا من رأسِ مالِه، وإن مات ولا مالَ له غيرُهم، أُقرع بينَهم فأُعتِق ثلثُهم.

قال الشافعيُّ (٣): والحجةُ في أنَّ العتقَ البتاتَ في المرض وصيةٌ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أقرَع بينَ ستةِ مملوكين أعتَقهم الرجلُ في مرضِه، وأنزَل عتقَهم وصيةً، فأعتَق ثلثَهم.


(١) ينظر: المدوّنة ٢/ ٥١٢، والتهذيب في اختصارها للقيرواني ٢/ ٥٤١ (٢٠٨٦)، والذخيرة للقرافي ٧/ ١٠٤، ومواهب الجليل للخطاب الرُّعيني ١/ ٣٧٩.
(٢) ينظر: الأمّ ٨/ ٤.
(٣) الأم ٨/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>