للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ القاسم (١): كلُّ مَن أوصَى بعتقِ عَبيدِه أو بتَل عتقَهم في مرضِه، ولم يدَعْ غيرَهم، فإنه يُعتَقُ بالسهم ثلثُهم، وكذلك لو ترَك مالًا والثلثُ لا يسعُهم، لعتَقَ مبلغُ الثلثِ منهم بالسهم، وكذلك لو أعتَق منهم جزءًا سمّاه، أو عددًا سمّاه، وكذلك لو قال: رأسٌ منهم حرٌّ. فبالسهم يُعتقُ منهم مَن يُعتقُ، إن كانوا خمسةً فخمُسُهم، أو ستةً فسدُسُهم، خرَج لذلك أقلُّ من واحدٍ أو أكثرُ، ولو قال: عشَرةٌ. وهم ستون، عَتَق سدُسُهم، أخرَج السهمُ أكثرَ من عشَرةٍ أو أقلَّ. وهذا كلُّه مذهبُ مالك.

قال أبو عُمر: لم يختلِفْ مالكٌ وأصحابُه في الذي يُوصي بعتقِ عبيدِه في مرضِه ولا مالَ له غيرُهم، أنه يُقرَعُ بينَهم، فيُعتَقُ ثلثُهم بالسهم، وكذلك لم يختلِفْ قولُ مالكٍ وجمهورُ أصحابِه أن هذا حكمُ الذي يُعتِقُ عبيدَه في مرضِه عتقًا بَتْلًا (٢)، ولا مالَ له غيرُهم. وقال أشهبُ وأصبغُ (٣): إنما القرعةُ في الوصية، وأما في البَتْل، فهم كالمدَبَّرِين.

قال أبو عُمر: حُكمُ المدبَّرِين عندَهم إذا دبَّرَهم سيدُهم في كلمةٍ واحدة، أنه لا يُبدَّأُ بعضُهم على بعض، ولا يُقرَعُ بينَهم، ويُفضُّ الثلثُ (٤) على جميعِهم بالقيمة، فيُعتَقُ من كلِّ واحدٍ حصتُه من الثُّلُث، وإن لم يَدَعْ مالًا غيرَهم، عتَق


(١) كذا نقل عنه القيرواني في التهذيب في اختصار المدوّنة ٢/ ٤٩٥ (١٩٩٩ - ٢٠٠٢)، وينظر: المدوّنة ٢/ ٤١٣.
(٢) أي: باتًّا فيه. والبَتْلُ: القطْعُ، والمعنى: أنه قطع وبتَّ في عتقه، فأصبح كانه منقطع عن سيِّده. ينظر: اللسان مادة (بتل).
(٣) نقله عنهما ابن رشد في بداية المجتهد ٤/ ١٥٤.
(٤) أي: يُفرَّق، والفضُّ: التفريق. ينظر: العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (باب الضاد مع الفاء) ٧/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>