للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر ابنُ أبي شيبة (١)، عن وَكيع، عن عيسى بنِ حفص، عن عطاءِ بنِ أبي مَروان، عن أبيه، قال: خرَجْنا مع عُمرَ بنِ الخطاب نَستسقي، فما زاد على الاستغفار.

وعن وَكيع (٢)، عن سُفيان، عن مُطَرِّف، عن الشَّعبيِّ، أنَّ عُمرَ خرَج يَستسقي، فصعِد المنبرَ فقال: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: ١٠ - ١٢]، واستغفِرُوا ربَّكم إنه كان غفّارًا. ثم نزَل فقيل: يا أميرَ المؤمنين، لو استسقيتَ. فقالى: لقد طلَبتُ بمَجادِيح (٣) السماءِ التي يُستنزَلُ بها القَطرُ.

ورَوَيْنا من وجوهٍ عن عُمرَ رحِمه اللهُ أنه خرَج يَستسقي، وخرَجَ معه بالعباس، فقال: اللهمَّ إنا نتقرَّبُ إليك بعمِّ نبيِّك ونستشفعُ به، فاحفَظْ فيه نبيَّك كما حفِظتَ الغُلامين لصلاح أبيهما، وأتيناك مستغفِرينَ مستشفِعِينَ، ثم أقبَل على الناس فقال: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} إلى قوله: {أَنْهَارًا}. ثم قال العباسُ، وعيناه تنْضَحان، فطال عمرَ (٤)، ثم قال: اللهمَّ أنتَ الراعي، لا تُهملِ الضالّة، ولا تَدَعِ الكسيرَ بدارِ مَضيعةٍ (٥)؛


(١) في المصنَّف (٨٤٢٨) و (٣٠١٠٠)، ورجال إسناده ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، وعيسى بن حفص: هو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأبو مروان والد عطاء: هو الأسلمي، مختَلفٌ في صُحبته واسمه، قيل: مغيث، وقيل: سعيد، وقيل: عبد الرحمن، مدنيّ ثقة كما قال الذهبي في الكاشف ٢/ ٤٥٩ (٦٨٢٦).
(٢) في المصنَّف لابن أبي شيبة (٨٤٢٩) و (٣٠٠٩٩)، ورجال إسناده ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوريُّ، ومطرِّف: هو ابن طريف الحارثي، والشعبيُّ: هو عامر بن شراحيل.
(٣) سيأتي المصنِّف على شرح معناه.
(٤) أي غلَبَ العبّاسُ عمرَ رضي الله عنهما في طُول القامة، وكان عمرُ طويلًا من الرّجال، وكان العبّاسُ أشدَّ طُولًا منه. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٣/ ١٤٤.
(٥) قوله: "لا تُهْمِل الضالّةَ ولا تَدَعِ الكسِيرَ بدار مضيَعَةٍ" هذا مثَلٌ ضربَه، كالراعي الحسَنِ إذا ضلّت ضالّة من غَنَمِه لم يدَعْها تذهب، ولكنّه يطلُبها حتّى يُردّها، وإذا أصابَ شاة منها كسرٌ =

<<  <  ج: ص:  >  >>