للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ضرَع الصغيرُ، ورقَّ الكبيرُ، وارتفعتِ الشكوَى، وأنتَ تعلَمُ السرَّ وأخفَى؛ اللهمَّ فأغِثْهُم بغياثِك من قبل أن يَقنَطُوا فيهلِكُوا، فإنه لا ييأسُ من رَوْحِكَ إلا القومُ الكافرون. فنشأت طُرَيْرةٌ (١) من سَحَاب، فقال الناسُ، تَرَوْن، تَرَوْن؟! ثم تلاءَمتْ واستتمَّتْ وهبَّتْ فيها ريحٌ، ثم هرَّتْ ودرَّتْ، فوالله ما برِحُوا حتى اعتلَقوا الحِذاءَ وقلَّصوا المآزرَ، وطفِق الناسُ بالعباسِ يَمسَحُون أركانَه ويقولون: هنيئًا لك ساقيَ الحرمين (٢).

وقد ذكَرنا كثيرًا من معاني هذا الباب في بابِ شَرِيكِ بنِ أبي نَمِرٍ (٣) من هذا الكتاب.


= لم يخلُفْها للسَّبع، ولكنّه يُعرِّج عليها ويرفُق بها حتى تصلُح. والمضْيَعة، بكسر الضاد مفْعَلَة من الضياع: الاطّراحُ والهوانُ. ينظر: غريب الحديث لابن قتيبة ٢/ ١٨٢، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ٣/ ١٠٨.
(١) الطُّريرةُ: تصغير الطُّرّة: وهي قطعة من السحاب تبْدُو من الأُفق مستطيلةً، ومنه طُرّة الشّعَر والثوب، أي: طرفُه. النهاية ٣/ ١١٨.
(٢) أخرجه بنحو هذا السياق الدِّينوري في المجالسة ٣/ ١٠٢ (٧٢٧)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٦/ ٣٥٩ و ٢٦/ ٣٦٣ من وجوه عديدة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقصّة استسقاءِ عمرَ بالعبّاس عمِّ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- عند البخاريّ (١٠١٠) وغيره من حديث ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك مختصرة، بلفظ: "أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا قحَطُوا اسْتَسقى بالعبّاس بن عبد المطّلب، فقال: اللهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيِّنا فتَسْقيَنا، وإنّا نتوسّل إليك بعمِّ نبيِّنا. قال: فيُسْقَوْنَ".
(٣) وهو شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وحديثه في الموطأ ١/ ٢٦٥ (٥١٤)، وقد سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الأول له، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>