للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيمتَين مئتانِ، وذلك ثُلُثُ دِيةِ الخطأ، فيُزادُ على أهلِ الوَرِقِ أو الذهبِ ثُلُثُ الدِّيةِ أو أقلُّ أو أكثرُ، على حَسِبِ ما بينَ القيمتَين. وتكونُ الدِّيةُ المغلَّظةُ على الأبِ في مالِه. هذا مذهبُ مالكٍ وأصحابِه وعامةِ العلماء.

ومعنى قولِ عُمرَ عندَهم لسُراقةَ المدلجيِّ: "اعْدُدْ على ماءِ قُدَيدٍ كذا وكذا" قال له ذلك؛ لأنه كان المخاطَبَ بذلك لوَجاهَتِه في قومِه ومعرفةِ عُمرَ به؛ لأنه أحدُ الصحابة، وكان سيدَ بني مُدْلِج، فاستغنَى عُمرُ بمخاطبتِه عن مخاطبةِ الأب؛ لأنه كان الذي قدِم عليه بخبرِ قَتلِ قتادةَ المُدلجيِّ لابنِه، فلذلك توجَّه الخبرُ إليه، لا أنَّ ذلك على (١) عاقلةِ قتادة. هذا قولُ مَن جعَل الدِّيةَ في قتلِ الأبِ ابنَه في مالِ الأب، ومَن جعَلها على عاقِلَتِه يَجعَلُ الخطابَ لسُراقةَ؛ لأنه وَجْهُ قومِه الذين يَعقِلُون عنه، وهو يجمَعُها فيهم.

وذكَر ابنُ وَهْب (٢) في "موطئِه"، وقد تقدَّم إسنادُه، قال: أخبَرني حفصُ بنُ مَيْسرة، أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ حَرملةَ الأسلميَّ حدَّثه، قال: حدَّثني غيرُ واحد، أنَّ عَديًّا الجُذاميَّ كان له امرأتان فاقْتتَلتا، فرَمَت إحداهما الأخرى فماتت منها، فذكَر ذلك لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "اعقِلْها ولا تَرِثْها".

ومذهبُ مالكٍ أن الدِّيةَ تُغلَّظُ على الأبِ في قتلِ ابنِه، ولا تغلَّظُ عندَه على أحدٍ الدِّيةُ إلا على الأبِ أو الجدِّ في قتلِ ابنِه أو ابنِ ابنِه، والأمُّ في هذا مثلُ الأب، وتُغلَّظُ عندَه الدِّيةُ في الإبلِ وفي الذهبِ والوَرِق، وتُغلَّظُ في النفسِ وفي الأعضاء، وقد ذكَرنا مذهبَه ومذهبَ غيرِه في الدياتِ المغلظاتِ فيما سلَف من هذا الكتاب (٣)، والحمدُ لله، فلا وجهَ لإعادةِ ذلك هاهنا.


(١) سقط حرف الجر من الأصل.
(٢) من طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٦/ ٢١٩ (١٢٦٠٠).
(٣) في أثناء شرح الحديث الموفي عشرين لعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، وقد سلف في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>