للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة، حتى لقد هَممتُ أن أبُثَّ رجالًا في الدُّورِ فيُؤذِنون الناسَ لحين الصلاة، وحتى هممتُ أن آمُرَ رجالًا أن يقوموا على الآكام فينادون الناسَ لحين الصلاة". حتى نقَسُوا أو كادوا أن ينقسوا، فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسولَ الله، إني لمّا رجَعتُ البارحةَ ورأيتُ من اهتمامك، رأيتُ رجلًا قائمًا على جدارِ المسجد، عليه ثوبانِ أخضران، فأذَّن، ثم قعَد قَعدةً، ثم قام فقال مثلَها، غيرَ أنَّه قال: قد قامتِ الصلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ، ولولا أن تقولوا، لقلت: إنّي كنتُ يقظانًا غيرَ نائم. فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أراكَ الله خيرًا". فقال عُمر: أمَا إنّي رأيتُ مثلَ الذي رأى، غيرَ أنّي لّما سبِقتُ استحيَيْتُ. فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مُرُوا بلالًا فليُؤذِّنْ".

وحدَّثنا عبدُ الوارث (١)، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا موسى بنُ مُعاويةَ وأبو بكر بنُ أبي شيبة (٢)، قالا: حدَّثنا وَكيعٌ، قال: حدَّثنا الأعْمَشُ، عن عَمْرِو بنِ مُرَّة، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى، قال: حدَّثنا أصحابُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، أنَّ عبدَ الله بنَ زيدٍ رأى الأذانَ في المنام، فأتى النبيَّ فأخبرَه، فقال: "علِّمْه بلالًا". قال: فقام بلالٌ فأذَّنَ مثْنَى مثْنَى، وأقامَ مثْنَى، وقعَد قَعدةً.

قال أبو عمر (٣): في حديثِ هذا البابِ لمالكٍ وغيرِه من سائرِ ما أورَدنا فيه منَ الآثار أوضحُ الدلائل على فضل الرؤيا، وأنها من الوحي والنبوَّة، وحَسْبُك بذلك فضْلًا لها وشرفًا، ولو لم تكنْ وحيًا من الله ما جعَلها شريعةً ومنهاجًا لدينِه.

قال أبو عُمر: اختلَفتِ الآثارُ في صفةِ الأذان، وإن كانت متفقةً في أن أصلَ أمرِه كان عن رُؤيا عبدِ الله بنِ زيد، وقد رواهُ عُمرُ بنُ الخطاب أيضًا.


(١) هو عبد الوارث بن سفيان، وقاسم شيخه: هو ابن أصبغ البياني، وشيخه ابن وضاح: هو محمد بن وضاح بن بزيع.
(٢) في المصنَّف (٢١٣١)، وسلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في الحديث السالف قبله.
(٣) جاءت هذه الفقرة في الأصل بعد التي تليها، ووجودها هنا أولى كما في النسخ الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>