للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك اختلَفتِ الآثارُ عن أبي مَحْذُورةَ إذ علَّمه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الأذانَ بمكةَ عامَ حُنين مرجِعَه من غزاةِ حُنين، فرُوِيَ عنه فيه: اللهُ أكبرُ؛ في أوله أربعَ مرّات (١)، ورُوِيَ فيه ذلك مرَّتين، ورُوِيَ تثنيةُ الإقامة (٢)، ورُوِيَ فيه إفرادُها إلا قوله: قد قامتِ الصلاةُ.

واختلَف الفقهاءُ في كيفيةِ الأذانِ والإقامة؛ فذهَب مالكٌ والشافعيُّ إلى أن الأذانَ مثْنَى مثْنَى، والإقامةَ مرَّةً مرَّةً، إلا أن الشافعيَّ (٣) يقول في أول الأذان: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ. أربعَ مرات، وزعَم أن ذلك محفوظٌ من روايةِ الثقاتِ الحُفّاظِ في حديثِ عبدِ الله بنِ زيدٍ وحديثِ أبي محذورة، وهي زيادةٌ يجبُ قَبولُها، والعملُ عندَهم بمكةَ في آلِ أبي محذورةَ بذلك إلى زمانِه.

وذهَب مالكٌ وأصحابُه (٤) إلى أن التكبيرَ في أول الأذان: اللهُ اكبرُ اللهُ أكبرُ.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ١/ ٤٥٧ (١٧٧٩)، وعنه أحمد في المسند ٢٤/ ٩١ - ٩٢ (١٥٣٧٦)، ومن طريقه أبو داود (٥٥١)، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ٢٠٠ (٣٨٥) ثلاثتهتم عن عبد الملك بن جريج، عن عثمان بن السائب، مولاهم، عن أبيه السائب، مولى أبي محذورة، وعن أمّ عبد الملك بن أبي محذورة، أنهما سمعاه من أبي محذورة. وهذا إسنادٌ ضعيف لجهالة حال عثمان بن السائب وأبيه السائب الجُمَحيّ المكيّ كما هو مبيَّنٌ في تحرير التقريب (٤٤٧٠) و (٢٢٠٣)، وأم عبد الملك بن أبي محذورة بن أبي محذورة، فقد تفرّد بالرواية عنها عثمان بن السائب المكي ولم يوثّقها أحد كما في تحرير التقريب (٨٧٤٦).
وهو عند الترمذي (١٩١) من طريق عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه، وجدِّه، جميعًا عن أبي محذورة، مختصرًا، وفيه أنه وصَفَ الأذان بالترجيع. وقال الترمذي: "حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح، وقد رُوِيَ عنه من غير وجه، وعليه العمل بمكّة، وهو قولُ الشافعيِّ".
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤٥/ ٢٢٥ (٢٧٢٥٢)، ومسلم (٣٧٩)، والنسائي (٦٣٠) من حديث عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة، وليس عند مسلم ذكر الإقامة.
(٣) الأمّ ١/ ١٠٤، وينظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي، ص ١٧٥ - ١٧٦.
(٤) ينظر: المدوّنة ١/ ١٥٧ - ١٦٠، وبداية المجتهد ١/ ١١٢ - ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>