للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بابِ عَمْرِو بنِ يحيى من هذا الكتاب (١)، وكذلك ما سقَتِ العُيونُ والأنهارُ؛ لأنَّ المؤُونةَ فيه قليلةٌ، واتِّباعًا للسُّنة، وأما ما سُقِيَ بالدَّوالي والسَّواني فنِصْفُ العُشرِ فيما تجبُ فيه الزكاةُ عندَهم، هذا ما لا خلافَ فيه بينَهم.

واختلَفوا في معنًى آخرَ من هذا الحديث؛ فقالت طائفة: هذا الحديثُ يوجبُ العُشْرَ في كلِّ ما زرَعه الآدميُّون من الحُبوبِ والبُقُول، وكلِّ ما أنبتَتْهُ أشجارُهم من الثمراتِ كلِّها، قليلُ ذلك وكثيرُه يؤخَذُ منه العُشرُ أو نِصْفُ العُشْر -على حَسَبِ ما ذكَرْنا- عندَ جَدادِه وحَصادِه وقِطافِه، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]. يُريدُ العُشْرَ أو نصفَ العُشر. وممن ذهَب إلى هذا أبو حنيفة، وزُفَرُ (٢)، فقالا: في قليل ما تُخرِجُه الأرضُ وكثيرِه العُشْرُ، أو نصفُ العُشْرِ إن سُقِيَ بالدَّاليةِ والسانية، إلا الحطَبَ والقصبَ والحشيش. وقال أبو يوسف، ومحمدُ بنُ الحسن (٣): لا شيءَ فيما تُخرجُه الأرضُ إلا فيما كان له ثمرةٌ باقيةٌ، ثم تَجِبُ فيما يَبلُغُ خمسةَ أوسُق، ولا يجبُ فيما دونَه.

وذكَر عبدُ الرزاق (٤)، عن مَعْمَر، عن سِمَاكِ بنِ الفَضْل، قال: كتَب عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ أن يؤخَذَ مما أنبتَتِ الأرضُ من قليلٍ أو كثيرٍ العُشْرُ.

وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف (٥): إذا بلَغ الزَّعْفرانُ خمسةَ أوسُقٍ أُخِذ منه العُشْرُ.


(١) وهو المازنيُّ، وقد سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الثالث له، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه. وحديثه في الموطأ ١/ ٣٣٣ (٦٥٢).
(٢) نقله عنهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٥٣.
(٣) في الأصل المعروف بالمبسوط له ٢/ ١٦١ - ١٦٣.
(٤) في المصنَّف ٤/ ١٢١ (٧١٩٦).
(٥) نقله عنهما محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط ٢/ ١٦٣، والطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٧/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>