للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تكُ هامةٌ بهراةَ تَزْقُو ... فقد أزْقَيْتُ بالمرْوينِ هاما (١)

يعني: مَرْوَ الرُّوذ، ومروَ الشاهِجان، ذكَر ذلك أبو عبدِ الله العَدَويُّ.

وقال أبو عُبيد (٢): أما الهامةُ، فإن العربَ كانت تقول: إن عظامَ الموتَى (٣) تصيرُ هامةً فتطيرُ. وقال أبو عَمْرو (٤) مثلَ ذلك، وكانوا يُسمُّون ذلك الطائرَ الصَّدَى، يعني الذي يخرُجُ من هامةِ الميتِ إذا بَلِيَ (٥). قال أبو عُبيد: وهذا في أشعارِ العربِ كثيرٌ، قال أبو دُوَادٍ الإياديُّ:

سُلِّط الموتُ والمنونُ عليهم ... فلَهُم في صَدَى المقابرِ هامُ (٦)

فذكَر الصدَى والهامَ جميعًا. وقال لَبيدٌ (٧) يَرثي أخاه أربد:

فليس الناسُ بعدَك في نفيرٍ ... وما هم غيرُ أصداءٍ وَهَامٍ

وقال آخرون: كان أهلُ الجاهليةِ يقولون: إذا مات الرجلُ خرَجت من رأسِه هامةٌ، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا هامَةَ"؛ أي: لا يخرُجُ من رأسِه هامةٌ. وكانوا أيضًا يقولون: إنّ هامتَه صَدِيَت من حُبِّ الشراب؛ فنُهوا عن ذلك كلِّه.


(١) البيت في الحيوان للجاحظ ٢/ ٤٨، وفي المخصّص لابن سيده ٢/ ٣٤٥ معزوًّا لعبد الله بن خازم.
وهو في تهذيب اللغة للأزهري ٦/ ٢٤٨، وجمهرة اللغة لابن دريد ٢/ ٨٢٣، وفي لسان العرب، وتاج العروس مادة (زفق) دون نسبةٍ لقائل معيّن.
(٢) في غريب الحديث له ١/ ٢٦ - ٢٧.
(٣) في الأصل: "الميت"، والمثبت من ي ٢، وهو الموافق لما نقله الأزهري في تهذيب اللغة ٦/ ٢٤٧ والخطابي في معالم السنن ٤/ ٢٣٣ عن أبي عُبيد.
(٤) يعني أبا عمرو بن العلاء بن عمار، اللغويّ المشهور، وهذا نقله عنه الأزهريُّ في تهذيب اللغة ٦/ ٢٤٧، قال بعد أن نقل عن أبي عُبيد: "وقال أبو عمرو مثله".
(٥) هذا تتمّة كلام أبي عُبيد كما في غريب الحديث وتهذيب اللغة، وليست من كلام المصنِّف كما يظهر من سياق الكلام.
(٦) وتنظر الأصمعيات، رقم (٦٥).
(٧) ديوانه، ص ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>