للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: "لا صَفَرَ" فاختُلِف فيه أيضًا؛ قال ابنُ وَهْب: قال بعضُهم: هو من الصُّفَارِ يكونُ بالإنسانِ حتى يقتُلَه، فقال رسولُ الله -صلي الله عليه وسلَّم- لا يقتُلُ الصُّفَارُ أحدًا (١).

قال ابنُ وَهْب: وقال آخرون: هو شهرُ صَفَر، كانوا يُحرِّمونه عامًا ويُحلُّونه عامًا، فقال: "لا صَفَرَ". يقول: لا تتحوَّلُ الشهورُ عن أسمائها.

وقد ذكَر ابنُ القاسم عن مالكٍ هذا القول، قال: كانوا يُحِلُّون بصَفَرَين؛ يُحِلُّونه عامًا ويُحرِّمونه عامًا.

قال: وقال مالكٌ: والهامةُ أُراها الطائرة التي يقالُ لها: الهامةُ.

وقال أبو عُبَيدة (٢): سمِعتُ يونسَ (٣) يسألُ رُؤْبةَ بنَ العَجّاج عن الصَّفَر، فقال: هي حَيّةٌ تكونُ في البطنِ تُصيبُ الماشيةَ والناس، وهي أعدى من الجَرَبِ عند العرب؛ قال أبو عُبيد: فأبطَل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنها تُعدِي، يقال: إنها تشتدُّ على الإنسانِ وتُؤذيه. قال أعشى باهلة:

لا يَتَأرَّى (٤) لِما في القِدْرِ يَرْقُبُه ... ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفِه الصَّفَرُ

قال أبو عُبيدة (٥): ويقالُ في الصَّفَرِ إنه تأخيرُهم المحرمَ إلى صَفَرٍ في تحريمِه.


(١) يعني تأويلٌ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولا صَفَر".
(٢) في الأصل: "عُبيد"، خطأ، وما أثبتناه هو الصواب لأنه هو الذي نقله عنه أبو عبيد القاسم بن سلّام في غريب الحديث له ١/ ٢٥ - ٢٦، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار مسند علي ٣/ ٣٨، ويونس الجرمي شيخٌ لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
(٣) هو يونس بن عبد الله الجَرْميّ.
(٤) قوله: لا يتأرّى" أي: لا يتحبَّس، أو لا يتلبَّث ويطمئن. قاله أبو عبيد في غريب الحديث ٣/ ١٩٧، والأزهري في تهذيب اللغة ١٥/ ٢٢٥.
(٥) في الأصل: "عبيد"، والمثبت هو الصواب؛ نقله عنه أبو عُبيد القاسم بن سلّام في غريب الحديث ١/ ٢٦، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار مسند علي ٣/ ٣٨، والأزهري في تهذيب اللغة ١٢/ ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>