للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا محمدُ بنُ مُعاوية، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ شُعيب، قال (١): أخبَرنا محمدُ بنُ بشّار، قالا جميعًا: أخبَرنا يحيى بنُ سعيد، قال: حدَّثنا عوفٌ، قال: حدَّثني أبو المنهالِ سيّارُ بنُ سلامة، عن أبي بَرْزة قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ينهَى عن النوم قبلَها والحديثِ بعدَها؛ يعني العشاءَ الآخرة. وهذا لفظُ حديثِ عبدِ الوارث، وحديثُ محمدِ بنِ إبراهيمَ أتمُّ.

ورُوِيَ من حديثِ عليٍّ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي، فإذا بقوم تُضرَبُ رؤوسُهم بالصَّخْر، فقلت: يا جبريل، مَن هؤلاء؟ فقال: يا محمدُ، من أُمَّتِك. قلت: وما حالُهم؟ قال: كانوا ينامُونَ عن العشاءِ الآخِرَة". وهذا الحديثُ وإن كان إسنادُه عن عليٍّ ضعيفًا، فإنَّ في حديثِ أبي بَرْزَة ما يُقوِّيه، ولكنَّ معناه عندي -لو صحَّ- يُوَضِّحُ أنهم كانوا ينامون عنها ولا يُصلُّونها، والله أعلم.

وعلى هذا حمَل الطَّحَاويُّ قولَه -صلى الله عليه وسلم- فيمَن نام ليلَه كلَّه حتّى أصبح: "ذلك رجل بالَ الشيطانُ في أُذُنِه" (٢). قال: هذا، واللهُ أعلم، على أنَّه نامَ عن صلاةِ العشاءِ فلم يُصلِّها حتى انقضَى الليلُ كلُّه (٣).


(١) في الكبرى ٢/ ٢٠٦ (١٥٣٦)، وهو في المجتبى (٥٢٥).
وأخرجه البخاري (٥٩٩)، وأبو داود (٤٨٤٩) عن مسدّد بن مسرهد، به.
وأخرجه ابن ماجه (٧٠١)، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ١٧٨ (٣٤٦) عن محمد بن بشار بُنْدار، به. وأخرجه أحمد في المسند ٣٣/ ١٢ (١٩٧٦٧) عن يحيى بن سعيد القطان، به.
(٢) في شرح مشكل الآثار ١٠/ ١٩٢ بإثر الحديث المذكور (٤٠٢١) حيث أخرجه من طريق منصور بن المعتمر، عن أبي سلمة المرادي شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقال: "فتأمّلنا هذا الحديث لنقفَ على المراد، فوجدنا فيه أنّ ذلك الرّجلُ لم يكن صلّى حتى أصبَح".
وهذا الحديث أخرجه أحمد ٧/ ١٤٨ (٤٠٥٩)، والبخاري (١١٤٤)، ومسلم (٧٧٤) من الطريق نفسه، به.
(٣) وقد ردّ بعضهم هذا التأويل بأن البخاريَّ أورد هذا الحديث في باب صلاة الليل، وكذا أصحاب السُّنن كابن ماجه والنسائيُّ، وذلك منافٍ لحملِه على صلاة العشاء. ينظر: طرح التثريب لزين الدين العراقي ٣/ ٨٦، وفتح الباري لابن حجر ٣/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>