للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواهُ ابنُ وَهْب، عن عبدِ الله بنِ السَّمْح؛ أنه أخبَرهُ عن عبّادِ بنِ كثير (١)، عن عطاء بن السّائب (٢)، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عبّاس، قال: قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يومَ أُحد: "انزِعُوا عنهمُ الحديدَ، وادْفِنُوهُم في ثيابهم".

واختلفَ الفقهاءُ في غُسل الشُّهداءِ والصلاةِ عليهم: فذهبَ مالكٌ، وأبو حنيفة، والشافعيُّ، والثوريُّ، والليثُ بنُ سَعْد (٣): إلى أنّهم لا يُغسّلُون، وحُجّتُهم: حديثُ جابرٍ وسائرُ ما ذكَرْنا عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مثلَ الأحاديثِ في هذا الباب، وبذلك قال أحمدُ بنُ حنبل (٤)، والأوزاعيُّ، وإسحاقُ، وداودُ، وجماعةُ فقهاءِ الأمصار، وأهلُ الحديثِ، وابنُ عُليّة.

وقال سعيدُ بنُ المسيِّب، والحسنُ البصريُّ (٥): يُغسَّلُ الشُّهداءُ، قال أحدُهما: إنّما لم يُغسّلْ شُهداءُ أُحدٍ لكَثْرَتِهم وللشُّغْل عن ذلك، ولم يقُلْ بقَوْلِ سعيدٍ والحسَنِ هذا أحدٌ من فُقهاءِ الأمصارِ إلا عُبيدُ الله بنُ الحسنَ العَنْبريُّ البَصْريُّ (٦).


(١) هو الثقفيُّ البصري، متروكٌ، وكذّبه أحمد بن حنبل كما في التقريب (٣١٣٩).
(٢) في م والمطبوعات عنها: "عمر بن الخطاب"، وهو تحريف قبيح، ولم يسأل (محققو) هذا الكتاب أنفسهم كيف يروي عمر بن الخطاب عن سعيد بن جبير، والمثبت من الأصل.
(٣) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٥٩، والأمّ ١/ ٣٠٤، والأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ٤٠٦، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر الشاشيّ القفّال ٢/ ٣٠٢.
(٤) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن منصور الكوسج ٧/ ٣٦٢٨ (٢٦٤٦).
(٥) رواه عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٥٤٥ (٦٦٥٠) و ٥/ ٢٧٥ (٩٥٩٦)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٣٤٩١) من طريقين عن قتادة بن دعامة عنهما، قالا: "الشهيد يُغسَّل، ما مات ميِّتٌ إلّا أجْنَبَ".
وحكاه عنهما ابن المنذر في الأوسط ٥/ ٣٧٠، والطحاويُّ في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٧٩، وابن رشد في بداية المجتهد ١/ ٢٣٩، وابن حجر في فتح الباري ٣/ ٢١٢، وقال: "وحُكِيَ عن ابن سُريج من الشافعيّة وعن غيره، وهو من الشُّذوذ".
(٦) ينظر: بداية المجتهد لابن رشد ١/ ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>