للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحرَّك رجليه: إنه لا يُجزِئُه حتى يَغسِلَهما بيديه. قال ابنُ القاسم: وإن قدَر على غَسلِ إحداهما بالأُخرى أجزأه.

قال أبو عُمر: يلزمُ مَن قال: إن الغَسلَ لا يكونُ إلا بمرورِ اليدين. أن يقول: إنه لا يُجزِئُه إنْ غسَل إحداهما بالأخرى. وَيلزَمُه أن يقولَ بتخليلِ أصابعِ اليَدَينِ والرِّجلينِ؛ لأنَّ الأمرَ بغَسلِهما واحدٌ. وقد رُوِيَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا توضَّأ يَدلُكُ أصابعَ رجليه بخنصرِه (١). وهذا عندَنا على الكمال.

وقد مضَى في صفةِ الغُسلِ من الجنابةِ في بابِ هشام بنِ عُروة (٢) من هذا الكتاب ما يُستدلُّ به على معنى هذا الباب، ومضَى في باب عَمْرِو بنِ يحيى (٣) من هذا الكتاب أيضًا القولُ في غَسلِ المرفقين مع اليدين، والكعبين مع الرجلين، فلا معنى لإعادةِ ذلك ها هُنا. وقد كان مالكٌ رحمه الله في آخرِ عمُرِه يَدلُكُ أصابعَ رجليه بأصابع يديه؛ لحديثٍ حدَّثه ابنُ وَهْب.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٢٩/ ٥٣٧ (١٨٠١٠)، وأبو داود (١٤٨)، والترمذي (٤٠)، وابن ماجه (٤٤٦)، والبزار في مسنده ٨٥/ ٣٩٠ (٣٤٦٤) من طرق عن عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافريّ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال: "رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا توضّأ خلَّل أصابعَ رِجْلَيه بخِنْصَرِه"، ورجال إسناده ثقات غير يزيد بن عمرو المعافري فهو صدوق حسن الحديث، وغير ابن لهيعة، ولكن رواه عنه قتيبة بن سعيد عند أبي داود والترمذي، وروايته عنه صحيحة عند أهل العلم، وقد تابعه الليث بن سعد كما سيأتي من طريق عبد الله بن وهب عنهما قريبًا، ومع ذلك اقتصر الترمذي على تحسينه، لكن قال ابن حجر في تلخيص الحبير ١/ ١٠٥: "تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث، أخرجه البيهقي وأبو بشر الدولابي والدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن الثلاثة، وصححه ابن القطان".
(٢) في أثناء شرح الحديث الأول له، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطأ ١/ ٨٨ (١٠٩).
(٣) سلفت الإشارة إلى موضعه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>