للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأمّا مَن احْتَجَّ بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]، وزَعَمَ أنّ ذلك عَزْمَة، فلا دليلَ معه على ذلك؛ لأنّ ظاهرَ الكلامِ وسياقَه إنّما يدُلُّ على الرُّخصةِ والتَّخِييرِ. والدليلُ على ذلك قولُه عزَّ وجلَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]. ودليل آخَرُ؛ وهو إجماعُهم أنّ المريضَ إذا تحامَلَ على نفسِه فصامَ، وأتمَّ صَوْمَ يومِه، أنّ ذلك مُجْزِئٌ عنه، فدَلَّ على أنّ ذلك رُخْصَة له، والمسافرُ في التِّلاوةِ وفي المَعْنَى مثْلُه. والكلامُ في هذا أوْضَحُ من أنْ يُحتاجَ فيه إلى إكثارِ، واللّهُ المستعانُ.

وحدَّثني أبو القاسِمِ خلفُ بن القاسِمِ، قال: حدَّثنا أبو الفَوَارِسِ أحمدُ بن محمدِ بن الحُسينِ بن السِّندِيِّ، قال: حدَّثنا أبو الفَضلِ قاسِمُ بن محمدِ بن الخَيَّاطِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله الأنصارِيُّ، قال: حدَّثنا حُميدٌ الطَّويلُ، عن أنسِ بن مالكٍ، قال: سافَرنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فصامَ قومٌ، وأفطَرَ قومٌ، فلمْ يَعِبِ الصائمُ على المُفْطِرِ، ولا المُفْطِرُ على الصَّائم.

وحدَّثنا أحمدُ بن عبدِ الله بن محمدِ بن عليٍّ، قال: حدَّثنا الميمونُ بن حمزةَ الحُسينيُّ، قال: حدَّثنا أبو جعفرٍ الطحاويُّ، قال: حدَّثنا المُزَنِيُّ، قال: حدَّثنا الشَّافعيُّ، قال (١): أخبَرنا عبدُ الوَهَّابِ بن عبدِ المجيدِ الثقفِيُّ، عن حُميدٍ الطَّويلِ، عن أنسِ بن مالكٍ، قال: سافَرنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فمِنَّا الصائمُ، ومنَّا المُفطِرُ، لا يَعِيبُ الصائمُ على المُفطِر، ولا المُفطِرُ على الصائم.

وبه عن الشَّافِعِيِّ، قال (٢): وحدَّثنا عبدُ الوهَّابِ بن عبدِ المجيدِ، عن (٣) الجُرَيرِيِّ، عن أبي نَضرَةَ، عن أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ، قال: كنا نسافِرُ مع رسولِ


(١) في السنن المأثورة (٣١٩). وأخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار (١٣٧ - مسند ابن عباس) من طريق عبد الوهاب الثقفي، به.
(٢) في السنن المأثورة (٣٢٠). وأخرجه ابن خزيمة (٢٠٣٠) من طريق عبد الوهاب الثقفي، به.
(٣) سقطت من ف ١، والجريري اسمه سعيد بن إياس، وترجمته في تهذيب الكمال ١٠/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>