للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): حدَّثنا عليُّ بنُ الجعد، قال: أخبَرنا شُعبةُ، عن عَوْنِ بنِ أبي جُحَيْفة، قال: سمِعتُ المنذرَ بنَ جرير يُحدِّثُ، عن أبيه، قال: كنّا عندَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في صَدْرِ النهار، فجاءَه قومٌ حُفاةٌ عُراةٌ، مُجتابي النمار (٢)، عليهم العَباءُ والصُّوفُ، عامَّتُهم من مُضَرَ، بل كلُّهم من مُضَرَ. قال: فرأيتُ وجْهَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قد تغيَّر لِما رأى بهم من الفاقة. وذكَر الحديثَ بطُولِه، وفي آخره: ثم قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سنَّ في الإسلام سُنّةً حسنةً فعُمِلَ بها من بعدِه، كان له أجرُها ومثلُ أجرِ مَن عمِلَ بها من غيرِ أن ينتَقِصَ من أجُورِهم شيئًا، ومَن سنَّ في الإسلام سُنّةً سيِّئةً فعُمِلَ بها مِن بعدِه، كان عليه وِزْرُها ووِزْرُ من عمِل بها من غيرِ أن يَنْقُصَ من وِزْرِهم شيئًا".

حدَّثنا خَلَفُ بنُ القاسم (٣)، قال: حدَّثنا أبو يوسفَ يعقوبُ بنُ مُسَدَّدِ بنِ يعقوب، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ جعفرٍ الرَّقِّيُّ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عَمْرو، عن عبدِ الكريم الجزَريِّ، عن زيادِ بنِ أبي مريم، عن عبدِ الله بنِ مسعودٍ في قول الله عزَّ وجلَّ: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار: ٥]. قال: ما قدَّمت من سُنّةٍ صالحةٍ يُعمَلُ بها من بعدِه، فله أجرُ مَن عمِل بها من غيرِ أن يَنقُصَ من أجُورِهم شيئًا، وما أخَّرت من سُنّةٍ سيِّئةٍ يُعمَلُ بها بعدَه، فإنّ عليه مثلَ وِزْرِ مَن عمِل بها من غيرِ أن يَنقُصَ من أوزارِهم شيءٌ (٤).


(١) في البغويات (٢٥٠). وسلف من وجه آخر عن شعبة مع تخريجه قريبًا.
(٢) قوله: "مُجْتابىِ النِّمار" أصل الجَوْب: القطْع، ومنه قوله تعالى: {جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: ٩]، والنِّمار: جمع نَمِرَة: وهي شملة أو كساء مخطّط من صُوف. والمراد: قطعوها فلَبِسوها. ينظر: المشارق للقاضي عياض ٢/ ١٣، وكشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي ١/ ٤٣٣.
(٣) هو ابن سهل، ويقال: ابن سهلون، أبو القاسم الأندلسيّ.
(٤) أخرجه عبد الله بن المبارك في الزُّهد (١٤٦٩) من طريق عبد الكريم الجَزَريّ، به. وزاد نسبته السيوطيُّ في الدر المنثور ٨/ ٤٣٨ لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>