للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن يكنْ في شيءٍ من أدويتِكم هذه خيرٌ، ففي شَرْطةِ مِحْجَم، أو شربة عَسَل، أو لَذْعةِ نارٍ توافقُ داءً، وما أُحِبُّ أن أكْتوي" (١).

قال أبو عُمر: لا مدخلَ للقولِ في هذا الباب، وقد مضى في التَّداوي في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ ما فيه شفاءٌ (٢).

وظاهرُ هذه الأحاديث في الحجامةِ العُموم، وتحتملُ الخصوصَ بأن يقال: خيرُ ما تَداويتُم به في فضلِ كذا أو لعلّةِ كذا فالحجامةُ، وإن كان الشفاءُ من كذا ففي كذا.

أو يكونُ الحديثُ على جوابِ السائل فحُفِظ الجوابُ دونَ السؤال، كأنه قال: الشفاءُ فيما سألتَ عنه، وإن كان دواءٌ يبلُغُ الداءَ الذي سألتَ عنه فالحِجامةُ تَبلُغُه. وهذا كثيرٌ معروفٌ في الأحاديث، ومعلومٌ أنَّ الحِجامةَ ليست دواءً لكلِّ داء، وإنما هي لبعضِ الأدواء، وذلك دليلٌ واضحٌ على ما تأوَّلْنا وذكَرنا، وبالله توفيقُنا.

والحِجامةُ على ظاهرِ هذا الحديثِ غيرُ ممنوع منها في كلِّ يوم، وقد جاء عن الزُّهريِّ (٣) ومكحولٍ (٤) جميعًا، أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن احتَجم يومَ الأربعاءِ


(١) أخرجه أحمد في المسند ٢٣/ ٤٩ - ٥٠ (١٤٧٠١)، والبخاري (٥٦٨٣) و (٥٧٠٢) و (٥٧٠٤)، ومسلم (٢٢٠٥) (٧١) من طريق عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاريّ، الملقّب بالغسيل، به. إبراهيم بن مرزوق: هو ابن دينار الأموي البصري، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَديُّ.
(٢) في أثناء شرح الحديث الخامس والأربعين المرسل له، وقد سلف في موضعه.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ١١/ ٢٩ (١٩٨١٦)، ومن طريقه أبو داود في المراسيل (٤٥١)، كلاهما عن معمر بن راشد، عنه، به. وقال أبو داود: وقد أُسْنِدَ ولم يصحَّ.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٤١٤٣) عن محمد بن فُضيل، عن ليث -وهو ابن أبي سُليم- عنه. وليث بن أبي سُليم ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>