للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: ٣٤].

وممن رفَع هذا الحديثَ؛ سُليمانُ بنُ بلال (١)، وإسماعيلُ بنُ جعفر (٢)، وصالحُ بنُ قُدامة (٣)، روَوه عن عبدِ الله بنِ دينار، عن ابنِ عُمر، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن قال: مُطِرْنا بنَوْءِ كذا وكذا، فهو كافرٌ بالله مؤمنٌ بالكوكب".

وهذا عندَ أهل العلم محمولٌ على ما كان أهلُ الشركِ يقولونه من إضافةِ المطرِ إلى الأنواءِ دونَ الله تعالى، فمَن قال ذلك واعتقَده فهو كافرٌ بالله كما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ النَّوْءَ مخلوقٌ، والمخلوقُ لا يملِكُ لنفسِه نفعًا ولا ضرًّا.

وأمّا مَن قال: مُطِرْنا بنَوْءِ كذا وكذا. على معنى مُطِرْنا في وقتِ كذا وكذا، فإن النَّوْءَ: الوقتُ في لسانِ العربِ أيضًا، يريدُ أنَّ ذلك الوقتَ يُعهَدُ فيه، ويُعرَفُ نزولُ الغيثِ بفعلِ الله وفضلِه ورحمتِه، فهذا ليس بكافر. وقد جاء عن عُمرَ أنه قال للعباس: ما بقيَ من نَوْءِ الثُّرَيّا، وما بقيَ من نَوْءِ الربيع (٤)؟ على العادةِ والعُرْفِ عندَهم، أنَّ تلك الأوقاتَ أوقاتُ أمطار، إذا شاء ذلك الواحدُ القهّار، وقد زِدْنا هذا المعنى بيانًا في باب صالح بنِ كَيْسانَ من هذا الكتاب، والحمدُ لله.


(١) أخرجه البخاري (٧٣٧٩).
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى ١٠/ ١٣٦ (١١١٩٤)، وابن حبّان في صحيحه ١/ ٢٧٢ (٧٠) و (٧١)، والبغويّ في شرح السُّنة ٤/ ٤٢٢ (١١٧٠).
(٣) أخرجه ابن حبّان في صحيحه ١٣/ ٥٠٤ (٦١٣٤).
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٦٦ (٥١٦) عن صالح بن كيسان، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن زيد بن خالد الجُهنيّ، به. وهو الحديث الأول لصالح بن كيسان، وقد سلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>